قال عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، إنه باستثناء إحداث الوكالة المكلفة بالتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، تبقى معالم الإصلاحات الاقتصادية، التي دعا إليها الملك سنة 2020 في انتظار تحديد واضح.
وهي الإصلاحات التي من شأنها يضيف الجواهري أن تمكن من تصحيح الاختلالات البنيوية للمؤسسات والمقاولات العمومية وضمان تكامل أفضل لأنشطتها مع الفاعلين الخواص.
وأوضح الجواهري في تقرير أصدره بنك المغرب برسم 2022، أن التحدي الكبير بهذا الخصوص يبقى هو هشاشة وتجزؤ النسيج الاقتصادي، وهو معطى بنيوي ساهمت في تفاقمه الظرفية الصعبة السائدة منذ اندلاع الجائحة. في هذا السياق، يعتبر تطوير منظومة المهن العالمية للمغرب الذي سجل خلال السنوات الأخيرة مقاربة واعدة تستحق التعميم على قطاعات أخرى.
وشدد والي بنك المغرب، أنه بات يتعين على السلطات المغربية مواصلة العمل من أجل تحسين مناخ الأعمال، وهو مجال حقق فيه المغرب بدون شك إنجازات ملحوظة، همت عدة جوانب لاسيما تبسيط المساطر الإدارية المتعلقة بالاستثمار واستكمال الإطار القانونيالمنظم للمنافسة في الأسواق، إلا أن التقدم في جوانب أخرى خاصة على مستوى محاربة الرشوة يظل ضعيفا يؤكد الجواهري.
فرغم الإرادة الواضحة، لا يزال المغرب يسجل أداء سلبيا ملحوظا على الصعيد العالمي، مما يستدعي إعادة النظر في المقاربات المعتمدة إلى الآن وبالخصوص اتخاذ تدابير أكثر قوة وحزما، الشيء الذي أصبح يبدو ممكنا، مع الإطار المؤسساتي المخصص لهذا الغرض مؤخرا.
حسب الجواهري فإن كل الإصلاحات لا سيما تلك ذات البعد الاجتماعي، وغيرها ستشكل ضغطا متزايدا على المالية العمومية. لذا أضحى ترشيد الموارد العمومية أمرا حيويا يقتضي تسريع العديد من الأوراش التي ستمكن من إفراز الهوامش اللازمة لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي على وجه الخصوص.
في هذا الإطار، بات من الملح حسب تقرير الجواهري، استكمال إصلاح نظام المقاصة الذي أطلق سنة 2013 والذي يظل إلى غاية اليوم رهينا بوضع آلية استهداف السكان التي يجري إعداد صيغتها النهائية، ولا تقتصر إشكالية الاستهداف هذه على المواد الأساسية فقط، بل تشمل أيضا المساعدات العمومية بشكل أوسع حيث أن النفقات الضريبية لا تزال تمثل حوالي%2,5 من الناتج الداخلي الإجمالي بينما ينص القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي المصادق عليه في 2021 بشكل صريح على وجوب إنجاز تقييم دوري للآثار الاجتماعية والاقتصادية للتحفيزات بهدف الاحتفاظ بها أو مراجعتها أو حذفها، حسب كل حالة.
وشدد الجواهري أن التأخر المسجل في استكمال إصلاح منظومة التقاعد، لا يؤدي إلا إلى رفع تكلفة هذا المشروع، وبالتالي إلى زيادة تحفظ الشركاء الاجتماعيين على مواصلته وتفاقم صعوبات الحوار الاجتماعي.
فبتأجيله من سنة إلى أخرى، أصبح هذا المشروع اليوم ضرورة حتمية في سياق غير مواتي تطبعه أزمة القدرة الشرائية وتعميم التغطية المبرمج في أفق سنة 2025 على ما يناهز 5 مليون شخص نشيط إضافي، جزء كبير منهم يشتغلون في مهن غير مهيكلة بأجور متدنية.
وفي ظل هذه الظروف المالية التي يمر بها المغرب، فإن مبادئ الحكامة الجيدة تتطلب تقييما صارما وتأطيرا ملائما لهذه الآليات.
المصدر: وكالات