بتت الحكومة في مشروع القانون المتعلق بتغيير وتتميم القانون الصادر في شأن إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية للاستثمار.
وظل النظر في هذه النصوص القانونية، وفي التركيبة الواقعية للمجالس الجهوية للاستثمار، مطلبا يرفعه المهتمون بالشأن الاقتصادي، مبررين الأمر بـ”كون المغرب بحاجة إلى تقوية موقع هذه المراكز في ظل التوجهات الجديدة للميثاق الجديد للاستثمار، موازاة مع انخراط البلاد في مشاريع تنموية كبرى خلال السنوات المقبلة، تنفيذا لما جاء في النموذج التنموي الجديد الذي يتحدث عن مغرب 2035″.
متخصصون في المجال الاقتصادي، ممن تحدثوا لهسبريس، أبرزوا “أهمية دور هذه المراكز في الترويج للفرص الاستثمارية على المستويين الترابي والجهوي، وإيضاح مؤهلات كل جهة، بما يخدم تحقيق العدالة المجالية والإستراتيجيات الاقتصادية الكبرى للمغرب”، لافتين إلى “ضرورة التفعيل الكامل لدور هذه المؤسسات العمومية والصلاحيات التي خصها بها المشرع المغربي”.
محمد جدري، خبير اقتصادي، قال إن “المغرب يتوفر على رؤية إستراتيجية طموحة تستند إلى النموذج التنموي الجديد، وهي رؤية تروم مضاعفة الناتج الداخلي الخام إلى 260 مليار دولار في أفق سنة 2035″، مضيفا أن “هذا الهدف الإستراتيجي لا يمكن أن يتأتى إلا عن طريق تشجيع الاستثمار الخاص ورفع حصته في مقابل الاستثمار العمومي، هذا الأخير الذي سيقتصر فقط على بعض القطاعات”.
وأوضح الخبير الاقتصادي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المراكز الجهوية للاستثمار تلعب دورا في التأسيس لهذه الرؤية وعرض الفرص الاستثمارية التي تزخر بها الجهات أمام المستثمرين”، مسجلا أن “هذا الدور يتماشى مع هدف الجهات الموضوعاتية التي يهدف إلى تحقيق التميز الاستثماري، أي تميز كل جهة بالاستثمار في قطاع أو مجال معين وتحقيق الريادة في على المستوى الوطني”.
وسجل المتحدث ذاته أن “جهات المملكة تتوفر على مجموعة من المقومات الاقتصادية والبشرية المحفزة للاستثمار، وبالتالي فإن هذه المراكز يجب أن تضطلع بدورها في التسويق لهذه الفرص الاستثمارية وتوفير بنوك مشاريع جاهزة لفائدة الراغبين في الاستثمار المحلي والأجنبي”، موضحا أن “المغرب يعول كثيرا على المراكز واللجان الجهوية من أجل تطوير الاقتصاد الترابي وتنزيل مضامين النموذج التنموي والمشاريع الاقتصادية الكبرى في بعدها الشمولي”.
من جهته قال رشيد ساري، محلل اقتصادي، إن “دور المراكز الجهوية للاستثمار كان مقتصرا على تيسير إنشاء العديد من المقاولات والشركات، غير أن المشرع المغربي أضاف إليها صلاحية الانخراط في تدبير المناطق الصناعية”، موردا أن “الميثاق الجديد للاستثمار ينص على تحقيق العدالة المجالية، مع ما يعنيه ذلك من تفعيل لكل الأدوار والصلاحيات الممنوحة لهذه المراكز”.
وأضاف ساري، في معرض حديثه مع هسبريس، أن “تقييم عمل المراكز الجهوية الموزعة على جهات المغرب في هذا الصدد يُظهر بعض الاستثناءات، إذ قامت المراكز التابعة للجهات الجنوبية للتعريف بمؤهلات وفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية للمملكة، غير أن هذا النموذج لم يتسع”، مشيرا إلى أن “بروز قطاعات جديدة يعول عليها لخلق القيمة المضافة يستوجب بالضرورة مسايرة من طرف هذه المؤسسات العمومية”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “كل مركز جهوي للاستثمار مطالب اليوم وأكثر من أي وقت مضى، في ظل الرهانات الاقتصادية الكبرى، بأن ينجز دراسات لمختلف فرص الاستثمار والتوجهات الاستثمارية على مستوى الجهة، والعمل على استقطاب المستثمرين؛ والأهم من ذلك البحث عن موارد تمويلية وليس الاكتفاء فقط بالدور الإداري والتدبيري”.
وشدد المصرح لهسبريس على أن “هذه المؤسسات رغم الصلاحيات التي منحت لها، وإعادة هيكلتها، إلا أنها مازالت لم تفعل بعد هذه الصلاحيات، مع ما يفرضه ذلك من ضخ للموارد والطاقات البشرية حتى تكون عند مستوى الرهان الاقتصادي الوطني”، مشيرا إلى “أهمية العمل أيضا على هذا المستوى على تشجيع مغاربة العالم على الاستثمار في بلادهم، بل والاستفادة أيضا من كفاءاتهم في عديد القطاعات والمجالات”.
المصدر: وكالات