ندد مبعوث الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، بالانتهاكات العديدة والخطيرة للاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف المتحاربة في السودان الأسبوع الماضي، بشأن تجنيب المدنيين والبنى التحتية المعارك، والسماح بدخول المساعدات التي هناك حاجة ماسة إليها.
ورحب غريفيث الذي يقود الجهود الأممية للإغاثة في السودان بإعلان 12 ماي الذي تم توقيعه في مدينة جدة السعودية من قبل طرفي النزاع، وتضمن تعهدا بالامتناع عن مهاجمة العاملين في المجال الإنساني.
وقال غريفيث في مقابلة مع وكالة فرانس برس، إنه مع وصول المساعدات “هناك انتهاكات للإعلان، وهي انتهاكات هامة وفظيعة وتحدث منذ توقيع” الإعلان.
وأبلغت منظمة أطباء بلا حدود الإنسانية، الأربعاء، عن تعرض مستودعاتها في الخرطوم لهجوم في اليوم السابق، كما أشار غريفيث إلى اعتداء في اليوم نفسه على مكاتب برنامج الأغذية العالمي في العاصمة السودانية، من بين “العديد” من الأمثلة.
وقال “نحن بطبيعة الحال نقوم بإنشاء سجل لتوثيق مثل هذه الأحداث، وسوف نتحدث مع الطرفين حولها بينما تمضي العملية قدما”.
وشدد غريفيث على ضرورة زيادة المساعدات بشكل كبير للاستجابة للوضع المتصاعد في السودان منذ اندلاع الصراع في 15 أبريل بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق محمد حمدان دقلو الذي يقود قوات الدعم السريع.
أسفر النزاع في السودان عن مقتل نحو ألف شخص معظمهم في الخرطوم وحولها، وكذلك في إقليم دارفور الغربي المضطرب منذ فترة طويلة، بينما شردت المعارك أكثر من مليون آخرين.
وأشار غريفيث إلى أنه “لم يمر سوى شهر واحد فقط” على اندلاع المعارك.
وقالت الأمم المتحدة، الأربعاء، إن نصف سكان السودان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وأن هناك حاجة إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار هذا العام وحده لتقديم مساعدات عاجلة داخل البلاد ولأولئك الذين يفرون عبر الحدود.
ونظرا للاحتياجات الهائلة، أصر غريفيث على أن هذا مجرد “نداء متواضع جدا”، وحض المانحين على الإسراع بالتحرك.
ولا تزال الآمال في وقف إطلاق النار ضعيفة بعد انتهاك هدن عدة في الأسابيع الماضية.
وبينما تتواصل المناقشات في جدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، أوضح غريفيث أن المفاوضات حول الإعلان الأخير الذي تم توقيعه كانت منفصلة.
وكان التركيز فيها على ضمان تدفق المساعدات حتى لو استمر القتال، والمساعدة في وضع حد للاعتداءات وأعمال النهب التي استنفدت مخزونات الغذاء وجعلت معظم المرافق الصحية في الخرطوم خارج الخدمة.
وقدر برنامج الأغذية العالمي لوكالة فرانس برس، الخميس، خسائره منذ اندلاع النزاع بنحو 56 مليون دولار بسبب تعرض المواد الغذائية والمركبات والوقود للنهب.
وقال غريفيث “هذا رقم كبير وصادم …ومخز “.
وأقر غريفيث بأن الأمر قد يستغرق بعض الوقت حتى يشعر الناس على الأرض بالالتزامات التي اتفقت عليها قيادتا الجانبين، مضيفا أن هناك عملا مهما يتم القيام به على المستوى المحلي لضمان وصول المساعدات.
وقال إن “إبرام اتفاقات محلية للسلامة والأمن يعول عليها لإقامة ممرات إنسانية آمنة للإمدادات والأشخاص” قد مكن اليونيسف على سبيل المثال من البدء بنقل إمداداتها في منطقة جنوب الخرطوم.
وأضاف غريفيث أن العاصمة السودانية لا تزال “واحدة من أخطر الأماكن في العالم” بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني.
وفي دارفور حذر غريفيث من “العنصر العرقي الخطير المضاف الذي باتت تواجهه البلاد بأسرها الآن”.
وأسفر العنف في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور عن مقتل المئات وانهيار النظام الصحي، وفق مسعفين.
وأشار غريفيث إلى أن دارفور “كان مكانا يعاني من انعدام الإمدادات والأمن بشكل غير عادي ومن هشاشة كبيرة” حتى قبل الأزمة الأخيرة، مشيرا إلى أن تجدد الصراع كان “مروعا بشكل لا يمكن تصوره” لسكان المنطقة.
ولفت إلى أن الجهود قائمة لتنظيم عمليات تسليم المساعدات عبر الحدود من تشاد إلى دارفور، وأنه يأمل في إمكان تنظيم عمليات نقل جوي “ربما من نيروبي” إلى دارفور والخرطوم.
وفي الوقت نفسه، أعرب غريفيث عن أسفه لأنه بسبب استمرار العقبات البيروقراطية “ما زلنا نواجه صعوبة في نقل الإمدادات القادمة من بورتسودان” إلى داخل البلاد.
وقال إن هذا الوضع يمكن تصحيحه و”يجب القيام بذلك على وجه السرعة”.
المصدر: وكالات