دعت الأمم المتحدة، الخميس، إلى هدنة في السودان “لمدة 3 أيام على الأقل ” بمناسبة عيد الفطر لإتاحة متنفس للسودانيين الرازحين تحت وطأة معارك محتدمة بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.
وبينما يحاول المجتمع الدولي انتزاع وقف للنار من قائدي الجيش وقوات الدعم السريع في نزاعهما على السلطة، حذر البرهان في حوار عبر الهاتف مع قناة الجزيرة من أن “لا خيار إلا الحسم العسكري” إذا لم تعد قوات الحسم السريع إلى مواقعها التي كانت ترابط فيها في ديسمبر الماضي.
وشدد قائد الجيش في الوقت نفسه على رفضه أي حديث “مباشر” مع دقلو الملقب بـ”حميدتي”، ملمحا إلى أن الطموحات الشخصية للأخير بحكم السودان هي الدافع الأساسي لهذا النزاع.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في أعقاب اجتماع افتراضي مع مسؤولين من الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمات إقليمية أخرى، طرفي القتال في السودان إلى التزام هدنة “لمدة 3 أيام على الأقل ” بمناسبة عيد الفطر الذي يحتفل به السودانيون الجمعة.
ومساء الخميس أعلن مجمع الفقه السوداني أن “يوم الجمعة هو أول أيام عيد الفطر”.
وأجرى غوتيريش محادثات هاتفية مع البرهان الذي تلقى أيضا اتصالات من رئيسي جنوب السودان وتركيا ورئيس وزراء إثيوبيا ومن وزراء خارجية الولايات المتحدة والسعودية وقطر، وفق ما أفاد الجيش السودان.
وخلفت الاشتباكات المستمرة منذ 15 أبريل، خصوصا في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور (غرب)، “أكثر من 330 قتيلا و 3200 جريح”، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وفي الخرطوم البالغ عدد سكانها أكثر من خمسة ملايين نسمة، تسرع العائلات بالخروج إلى الطرق والفرار هربا من الغارات الجوية والرشقات النارية والمعارك في الشوارع.
وقال أحد النازحين الذين فروا من العاصمة بحثا عن مكان أكثر أمانا لفرانس برس “رائحة الموت والجثث تخيم على بعض أحياء وسط العاصمة”.
على بعد عشرات الكيلومترات من العاصمة، تستمر الحياة بشكل طبيعي وتفتح المنازل لاستقبال النازحين الذين يصلون في حالة صدمة، بسياراتهم أو مشيا لساعات على الأقدام مع ارتفاع سعر البنزين إلى عشرة دولارات لليتر الواحد في أحد أفقر بلدان العالم.
وللوصول إلى مكان آمن، خضع هؤلاء لأسئلة وتفتيش رجال متمركزين على نقاط مراقبة تابعة لقوات الدعم السريع وأخرى تابعة للجيش.
وكان عليهم خصوصا التقدم في مسيرهم وسط جثث على أطراف الطريق ومدرعات وآليات صغيرة متفحمة بعد احتراقها في المعارك بالأسلحة الثقيلة، وتجنب أخطر المناطق التي تتصاعد منها أعمدة الدخان الأسود الكثيفة.
ومنذ تحول النزاع على السلطة الكامن منذ أسابيع بين الفريقين إلى معركة ضارية السبت، يبدو الوضع ملتبسا للسودانيين البالغ عددهم 45 مليون نسمة.
ولا يكف الطرفان عن إطلاق وعود بهدنات لم تتحقق.
ودوت الانفجارات مجددا الخميس في الخرطوم وفي الأبيض على بعد 350 كيلومترا جنوب العاصمة.
وفي الشوارع المليئة بالركام، تستحيل معرفة من الذي يسيطر فعليا على مؤسسات البلاد.
ويطلق كلا الجانبين إعلانات عن انتصارات واتهامات للطرف الآخر. لكن لا أحد يستطيع التحقق مما يتم تداوله على الشبكات الاجتماعية.
وذكر أطباء أن سلاح الجو الذي يستهدف قواعد ومواقع قوات الدعم السريع المنتشرة في المناطق المأهولة بالخرطوم، لا يتردد في إلقاء قنابل على مستشفيات أحيانا.
قالت نقابة أطباء السودان المستقلة إنه خلال خمسة أيام “توقف عن الخدمة سبعون في المائة من 74 مستشفى في الخرطوم والمناطق المتضررة من القتال”، إما لأنها قصفت أو لنقص الإمدادات الطبية والكوادر أو بسبب سيطرة مقاتلين عليها وطردهم المسعفين والجرحى.
واضطر معظم المنظمات الإنسانية إلى تعليق مساعداته وهي أساسية في بلد يعاني فيه أكثر من واحد من كل ثلاثة أشخاص من الجوع في الأوقات العادية.
ومنذ السبت في الخرطوم، استنفدت عائلات كثيرة مؤنها الأخيرة وتتساءل متى ستتمكن شاحنات الإمداد من دخول المدينة.
وقتل ثلاثة من موظفي برنامج الأغذية العالمي في دارفور في بداية القتال. ولم تعد الأمم المتحدة تحصي عمليات “النهب والهجمات” على مخزونها وموظفيها، وهي تدين “العنف الجنسي ضد العاملين في المجال الإنساني”.
وسط هذه الفوضى العارمة، أعلن المتحدث باسم الجيش المصري صباح الخميس أن ثلاث طائرات وصلت الأربعاء من السودان على متنها غالبية العسكريين المصريين الذين كانوا في مهمة في السودان.
وشدد على “صحة وسلامة كافة العناصر المصرية التي وصلت إلى أرض الوطن وكذا المتواجدة بمكتب الدفاع بالسفارة المصرية بالخرطوم”.
والخميس، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن الولايات المتحدة بصدد إرسال عسكريين إلى المنطقة تحسبا لاحتمال إجلاء طاقم سفارتها في الخرطوم.
وفر ما بين 10 و20 ألف شخص من المعارك في السودان بحثا عن ملاذ في تشاد المجاورة، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
المصدر: وكالات