ضواحي مدينة الدار البيضاء، في اتجاه إقليم بنسليمان، عادت الحياة من جديد للأراضي الفلاحية، وتنفس الفلاحون الصعداء، بعد عام من الجفاف.
على طول الطريق الرابطة بين الدار البيضاء وبنسليمان، مرورا بجماعات سيدي حجاج واد الحصار وسيدي موسى بنعلي والفضالات، مئات الهكتارات من الأراضي بدت فيها السنابل متفتحة تنمو لتبلغ مرحلة النضج، تعد بموسم فلاحي أفضل من سابقه.
*إنقاذ الموسم الفلاحي
كل صباح، يتفقد الحاج محمد العامري أرضه غير بعيد عن المنزل بجماعة أولاد علي الطوالع، وتنشرح أسارير وجهه بالخضرة الممتدة حوله؛ يرفع عينيه إلى السماء ويخاطبها في سره: “حمدا للسماء بغيث يروينا ويروي الأرض وينسينا جفاف السنة الماضية”.
منذ التساقطات المطرية التي عرفتها المنطقة على غرار مجموعة من أقاليم المملكة، وبلغت مقاييس مهمة، طوى الحاج محمد صفحة التوجس مما سيلحق أرضه وغلته، وفتح مقابلها صفحة بعنوان “الصابا غاتكون زينة”؛ وأفصح وهو يتحدث إلينا عن ارتياح كبير لما تركته الأمطار الأخيرة من أثر إيجابي على الأراضي الفلاحية، مؤكدا أن مزيدا من التساقطات المطرية ستعد بمحاصيل مهمة.
“هذه السنة ستكون الأمور أفضل من سابقاتها بإذن الله، وستنبت الأرض محاصيل وكلأ للماشية”، يقول الفلاح السبعيني وهو يطلق ناظريه صوب أرضه المزروعة.
ويردف هذا الفلاح الذي خبر الأرض وخبرته، ويعيش من الزراعة: “لو لم تكن الأمطار الأخيرة لما بلغنا هذه المرحلة التي ترونها الآن، ولكان الموسم الفلاحي كارثيا”.
ويضيف العامري، الذي يشغل نائبا لرئيس اتحاد التعاونيات على مستوى عمالة بنسليمان: “الأمطار التي شهدتها المنطقة ساهمت في عودة الإنتاج الفلاحي بحوالي 60 بالمائة”، وزاد: “نأمل خيرا بعد هذه التساقطات، لنتجاوز نكسة العام الفارط الذي لم يكن فيه أي شيء سوى الجفاف”.
طيلة جولة بأراضي مزروعة، يعول الفلاحون الذين تحدثنا إليهم على غيث السماء في غضون الأيام المقبلة، لتمكين بعض الزراعات من الماء، وهو نفس ما أكده الفلاح محمد العامري بقوله: “كما تلاحظون، هناك بعض السنابل لم تنضج بعد، وفي حالة هطول أمطار في الأسابيع المقبلة سيكون ذلك مفيدا كثيرا لها”.
في المقابل، يدعو الفلاح ذاته إلى الانتباه لبعض الأمراض التي تتسبب في أضرار للزراعة، مشددا على ضرورة معالجتها لتفادي خسائر في الإنتاج الذي ينتظر أن يستعيد عافيته في ظل تساقط الأمطار.
*آمال بموسم فلاحي جيد
لا يختلف اثنان على أن الموسم الفلاحي الماضي كان كارثيا بكل المقاييس، إذ كان سنة بيضاء للكثير من الفلاحين بسبب قلة التساقطات المطرية.
مصطفى بوعبيد، من فلاحي المنطقة، يؤكد أن السنة الماضية “كانت بيضاء، إذ كانت التساقطات المطرية غير كافية، لهذا لم تؤت الفلاحة أكلها”.
ويرى الفلاح ذاته، عضو غرفة الفلاحة سابقا بإقليم بنسليمان، أنه لولا التساقطات التي عرفتها المملكة في الفترة الأخيرة لكانت الوضعية كارثية.
لكن الوضع سيكون أفضل هذه السنة، وفق المتحدث نفسه، خصوصا إن هطلت الأمطار قريبا، مستبشرا خيرا بقوله في هذا الصدد: “إلى طلق لينا الله الروبيني غادي يكون الموسم زين، يعني أحسن من هادشي لي تانشوفو”.
ومن شأن عدم سقوط الأمطار خلال هذه الفترة أن يؤثر على بعض الأعلاف، على غرار التبن، وفق الفلاح ذاته، موضحا ذلك بقوله: “القمح الطري والصلب ضعيف نوعا ما، الأمر الذي سيجعل مادة التبن قليلة”.
المصدر: وكالات