وصف الكاتب طالع السعود الأطلسي معاداة القيادة الجزائرية للمغرب بالمرض العضال الذي توجه به سياستها الخارجية في شكل نباح ونهيق، مستحضرا في هذا السياق جملة من السوابق والسخافات التي أرجعت فشل تدبيرها للشأن العام الجزائري إلى المغرب.
وأضاف الكاتب ذاته، في مقال توصلت به هسبريس معنون بـ”لدى بعض صحافة الجزائر.. “الخبر مدنس والتعليق شتائم”، أن الحملة التي تشنها بعض الصحافة الجزائرية ضد فوزي لقجع مثال على التحامُل المنهجي المتواصل والشامل ضد المغرب.
وهذا نص المقال:
مُعاداة المغرب مرض عُضال مُستبِدٌّ بالقيادة الجزائرية، وبه توجِّه سياساتها الخارجية. وكلما تمنَّيْنا لها الشّفاء منه، وآملْنا سلامتها منه، كُلّما اشْتدّ صُراخ ألَمِها منه، في شكل نُباح أو نَهيق في وسائل إعلامها ضدّ المغرب. تلك القيادة ترى المغرب وراء كل فشالاتها وكل مُعضلات تدبيرها للشأن العام الجزائري. ولها في ذلك سوابق مُضحكة، بسخافتها، من نوع اتّهام المخابرات المغربية بـ”أكل” عُشب ملعب كرة القدم في الجزائر، أو اتّهامها لها بإحراق غابات، وتفاهات أخرى تَسَلّى بها المواطنون الجزائريون، قبْل غيرهم، من نوع تحميل مسؤولية إقصائها من المشاركة في مونديال قطر إلى حكم المباراة التي هُزمت فيها لأنه “جُنِّد” من طرف المغرب لتلْك الغاية، مع أن الأمر يتعلق بإصابة دخلت شِباك الفريق الجزائري في الدقيقة الأخيرة من المباراة، كما حدَث ويحدُث في مقابلات كرة القدم في العالم. والمواطنون الجزائريون لم يتهموا أحدًا بالتآمر لإقصاء فريقهم، بل لعنوا سوء الحظ، وتذكروا حالات إقصاء مُماثلة لمنتخبات قوية عن المشاركة في نهائيات كأس العالم في دورات سابقة له.. والمغرب كان منشغلا بانتصاره، وَلاهٍ عن هزيمة غيره. هي حالة مرضية “نفسية” مستفحلة في القيادة الجزائرية أن ترى نفسها في مرآة المغرب، ووضعت لنفسها سقْفا عاليا، وتقارن صورتها معه بالحنَق على تقدم المغرب، وليس بتقويم تدبيرها لبلدها، وَوَعْي اشْتِراطات التقدم فيها.
ولنا من الحملة التي تشنها بعض الصحافة الجزائرية ضد السيد فوزي لقجع، آخر مثال، الرجل نجح في إدارة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ومن نتائج تدبيره أنْ طوّر البنيات البشرية واللوجستيكية لممارسة كرة القدم المغربية، الرجالية والنسائية، ولكل أعمار ممارستها، محليا، وطنيا ودوليا لأنه انْخرط، من موقع التدبير الرياضي، في مشروع إصلاحي وتحديثي، يقوده الملك محمد السادس، وضَع للرياضة فيه مكانة مُمَيّزة، وألحَّ على اعتبارها رافعة اجتماعية هامة للمجهود التنموي المغربي.
نجاحُه التدبيري أكْسبه احترامًا في الجامعة الدولية، وفي الاتحاد الإفريقي للُّعبة، وهو من عائدات التفوق المغربي في المسابقات الكروية الدولية، العربية، القارية والعالمية. هناك في الجزائر لا ينظرون إلى نجاحه بعين المُقِرّ بالتفوق. لعبة المرآة تفضح عجز نُظرائه هناك على منافسته في الاجتهاد وعلى الاقتداء بالمغرب في خلق البيئة المادية والمعنوية المُخصِّبة للتفوُّق لتُصوِّره الصحافة هناك، تلك التي تُمارَس تجاه المغرب بمبدأ “الخبر مُدَنّس والتعليق شتائم”، نقيضا للمبدأ الأصلي للممارسة الصحافية، كما تعلّمناه في المعاهد وفي التجربة العملية، مبدأ “الخبر مقدس والتعليق حر”… لتُصَوّره مُتآمرا شرسا ضد الجزائر، وساحرا لعقول مُدبِّري كرة القدم الإفريقية وحتى لمُدَبّريها عالميا.. يفعل ما يُريد ضد كرة القدم الجزائرية، يُقصيها، يُهمّش لاعبيها ويتآمر لهزْمِها كلّما استطاع إلى ذلك سبيلا. الصحافة هناك، التي تتنفس “هواء” القيادة الجزائرية المُعادية، أصلا وفصلا، للمغرب تذهب بعيدا في تضخيم صورة المتآمر للسيد فوزي لقجع إلى حد أنّها تُقزِّم وتستهْبِل كلّ قادة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم وكل اللجنة التنفيذية للْفيفا، وفي المقدمة السيد جياني إنفانتينو والسيد باتريس موتسيبي. وتُقدّم الجميع مُجرد موَظّفين عند السيد لقجع ومتواطئين معه، ولم تقل لنا والحالة هذه كيف نجح في ما تزعُمه، وما هي إغراءاتُه لكل تلك الجمْهَرة من الشخصيات الوازنة. لا يحتاج المَرْء إلى رد على تلك الحملة بمنطق تصحيح مُعطياتها أو تفنيد ادِّعاءاتها، فهي باطلة من أصلها، والوقائع السّارية ترُدُّ عليها يوميا، ولا أحد يُعيرُها ثواني من اهتماماته، لا السيد فوزي لقجع ولا “المُتّهَمون” بخدمة “مَكْرِه”.. الكل منشغل إيجابيا، بمهامه، في مُستواه المحلي، أو القاري أو العالمي، بينما على القيادة الجزائرية أن تترك لمُمارسي كرة القدم في الجزائر فُرَص الاهتمام بتطوير بنيات وأوضاع كرة القدم الجزائرية، بدءا من وضعية “الاتحادية”، التي تعيش حالة اضطراب لعدة سنوات، وصولا إلى صيانة عشب الملاعب من التآكل.
الحملة ضِدّ السيد لقجع هي مثال على التحامُل المنهجي، المتواصل والشامل ضد المغرب، تُمارسه بعض صحافة الجزائر التي تكتب من مِحبرة القيادة الجزائرية، وبؤرة ذلك التحامل هو المغرب وقائده جلالة الملك محمد السادس. تحامل من “عقيدة” العداء، للأسف، المُتأصِّلة في قيادة الجزائر منذ عقود ضد المغرب.. القيادة التي مزّقت في ذاكرتها كل صفحات التلاحم المغربي مع كفاح الشعب الجزائري من أجل الاستقلال، وأقفلت في سياساتها كل مسالك تحقيق الآمال في مستقبل مشترك، ثُنائي الإنجاز، بالتآزر والتعاون وتبادل المنافع.. القيادة التي أغلقت مسامعها على كل نداءات الحوار والتفاهم التي وجهها إليها الملك محمد السادس في مناسبات عدة، وتواصِل عداءها، بإصرار وعناد، تعويضا على فشلها الخارجي وأزماتها الداخلية، وتوجه صحافتها بحقدها ضدًّا على المهنية الصحافية قبل أخلاقياتها، ولا تتحدث عن الأخوة المغاربية.
تلك القيادة أغضبتها اتفاقيات التعاون المغربي الإماراتي فكلفت صحيفة “الخبر” بمَلْء أحد أعدادها بدَزِينَة من الأخبار الكاذبة وحَمولة من الشتائم لملك المغرب وحوله، لا شك أن كتبتها تعبوا في اختلاقها، تعبوا عصبيا فقط، إذ لا ضمير لديْهم لكي يُتعبهم، على ما يبدو. وكل ذلك “المجهود” ليس إلا تنفيسا عن ضيق في صدر القيادة الجزائرية من تلك الاتفاقات بين المغرب والإمارات، التي تفتح لهما ممَرّات فسيحة إلى مستقبل مثمر لشعبيهما.
الشتيمة لا تُقنع مُرْسلها وبالأحرى أن يبالي بها مُتَلَقّيها، ولكنها حالة نفسية مرضية.
في صحيفة أخرى، أو ربما في الصحيفة نفسُها، فكلها تتشابه في هذه الرذيلة، وَلْوَلَة وتباكٍ على ما زعمته تضييعا لحقوق الإنسان في المغرب، ولم يكن ما كتبته سوى صورة دقيقة لضياع حقوق الإنسان في الجزائر، والحق أنها كانت دقيقة لأنها تعيش ما وصفته. ولعل أقرب مثال على صورة حقوق الإنسان في المغرب، التي تجاهلتها الصحيفة، هو مشروع تعديل مدونة الأسرة، الذي أمر به الملك محمد السادس، وقد فتحت اللجنة المكلفة بالمشروع النقاش في الموضوع على أوسع نطاق، من موقع إلكتروني مفتوح إلى آراء كلِّ المواطنين، أقول كل المواطنين، إلى استقبال وفود كل الأحزاب، كل النقابات، كل الجمعيات الحقوقية، كل المنظمات النسائية… وأكاد لا أعرف من لم يُسْتقبل بعد. نحن أمام مثال حي على “الديمقراطية المباشرة” وهي تُبلور الرأي في قضية مجتمعية، وهو نفس ما حدث عند بَلْورة الدستور الجديد سنة 2011، ومع تدقيق تصوّر النموذج التنموي للمغرب. كل المغرب يُبدي رأيه في قضايا المغرب. إنها الممارسة المُثلى لحقوق المواطنة النابعة من التجذر السياسي والاجتماعي لحقوق الإنسان. مع القيادة الجزائرية يأمُل إخواننا في حق التسوق الحر بدون طوابير.
تلك أمثلة وحسب من ضغينة ساكنة في المَوَجِّهات السياسية لقيادة الجزائر، والمعضلة أنها مستفحلة، لا تضعف أو تتوارى أمام نداءات الأخوة المغربية، ولا أمام قراءة للأوضاع السياسية في المنطقة وفي العالم، ولا أمام الانشغال بمآسي العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. عقل القيادة الجزائرية ليس فيه غير العداء للمغرب، والمغرب لا يُبَالي وينْصرف للاهتمام بتقدمه، وهذا يزيدهم سعارا وغيظا للأسف.
المصدر: وكالات