في مقال نشره في موقع حزبه على الأنترنيت، رد إدريس الأزمي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، على المعطيات التي قدمها فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، خلال لقاء لفرق الأغلبية عقد مساء الإثنين بمقر حزب الاستقلال بالرباط، معتبرا أنها معطيات تتضمن أخطاء وتفتقد الدقة.
النقطة الأولى التي رد عليها الأزمي تتعلق بعدد المقصيين من نظام التغطية الصحية مقارنة مع عدد المسجلين سابقا في نظام « راميد »، وقال الأزمي « لن أعود للنقاش الصحي والجدي بخصوص عدد المستفيدين سابقا من نظام المساعدة الطبية “راميد” لأنني بكل بساطة أعتبر أن ما جاء به السيد الوزير ليس مقنعا، وأن هناك إقصاء حقيقيا تدل عليه الأرقام ويدعمه الواقع اليومي للمواطنين المقصيين من التغطية الصحية، وهو ما يتطلب من الحكومة المبادرة لتصحيح هذا الوضع -عوض التنابز والتلاعب بالأرقام ».
– وبخصوص استدامة المالية العمومية، اعتبر أن ما صرح به الوزير « غير دقيق نهائيا ويثير العديد من الملاحظات ».
أولا- يقول هناك خطأ ارتكبه الوزير ويمكن للجميع التأكد منه، ويخص ما سماه “سنة الانطلاق” أو “المنطلقات”، حيث من المعلوم أن سنة الانطلاق لحكومة أخنوش هي سنة 2021 وليس سنة 2020، وأن نسبة المديونية التي انطلقت منها هذه الحكومة سنة 2021 هي 69,5% من الناتج الداخلي الخام (وليس 72,2% المرتبطة بسنة 2020)؛ ونسبة عجز الميزانية التي انطلقت منها هذه الحكومة سنة 2021 هي 5,5% من الناتج الداخلي الخام (وليس 7,1% المرتبطة بسنة 2020)، وقال إنه « من غير المعقول أن لا يقدم الوزير المعطيات المرتبطة بسنة 2021، وأن يتوقف في المبيان الذي قدمه حول تطور المديونية وعجز الميزانية على الأرقام بين سنة 2010 وسنة « 2020، معتبرا أن هذا « أمر غير مقبول لا علميا ولا سياسيا ولا دستوريا، باعتبار أن هذه الحكومة لم تنصب رسميا إلا في أكتوبر 2021 ولا علاقة لها بقانون المالية لسنة 2021 الذي أعدته وقدمته ونفذته الحكومة السابقة، وهي إذا بذلك سنة الانطلاق الحقيقية لحكومة أخنوش وليس سنة « 2020.
ثانيا- اعتبر أن هناك خطأ كبيرا ارتكبه لقجع في طريقة تقديمه وقراءته للأرقام المرتبطة بسنة 2020، إذ إن سنة 2020 التي تنتقدها الحكومة الحالية وتعتبر أن الحكومة التي سبقتها تسببت في رفع المديونية خلالها إلى 72,2% ورفعت نسبة عجز الميزانية إلى 7,1%، لا يخفى على أحد أنها سنة استثنائية بكل المقاييس في تاريخ البشرية جمعاء، وهي سنة ما سمي بالإغلاق العام والشامل، وقال « على هذه الحكومة وعلى الوزير أن يفتخروا بكون بلدنا بقيادة جلالة الملك بادرت إلى اتخاذ التدابير المالية المكلفة واللازمة التي حافظت على الاستقرار الاجتماعي، وأنجحت الحجر الصحي، وأنقذت الاقتصاد الوطني، وحافظت على الشركات والمقاولات الوطنية وعمالها، ووفرت الدعم المباشر لملايين الأسر لتجاوز تلك المرحلة الصعبة، ووفرت التمويل للبرنامج الضخم لإنعاش الاقتصاد الوطني ما بعد كورونا ».
وأضاف « علينا أن نفتخر أنه وفي الوقت الذي ارتفعت فيه المديونية في العالم وبما فيها في الدول الكبرى بأزيد من %20 نجد أن بلادنا اتخذت ما يلزم من تدابير لكن بشكل معقول، حيث لم ترتفع المديونية سوى بـ12%، ثم إنه مباشرة بعد ذلك وبدءا من سنة 2021 اتخذت الحكومة الإجراءات للعودة التدريجية لضبط المديونية وعجز الميزانية، وهو المنحنى التنازلي الذي شهدته سنة الانطلاق للحكومة الحالية.
ثالثا- رد الأزمي على قول لقجع بكون هذه الأرقام لا تقبل النقاش لكونها أرقام ختم عليها صندوق النقد الدولي ومؤسسات التنقيط، « لكنه نسي أن يشير إلى أن صندوق النقد الدولي قدم نفس الملاحظات التي نبه إليها حزب العدالة والتنمية بخصوص أسلوب الحكومة في تمويل مختلف النفقات المتزايدة عبر ما يسمى “التمويلات المبتكرة”، أو بتعبير أصح المديونية والعجز « المقنعين ».
وأشار إلى استعمال فائض الحسابات الخصوصية للخزينة، وهو رقم غير مسبوق واستثنائي (17 مليار درهم)، وناجم أساسا عن موارد الحساب الخاص للتضامن المخصص لتدبير الآثار المترتبة عن الزلزال، حيث أشار المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على إثر اختتام مشاورات المادة الرابعة لعام 2024 مع المغرب، إلى أن سبب تراجع عجز المالية العامة إلى 4,4% من الناتج الداخلي الخام في نهاية عام 2023، “يعكس التحسن في إيرادات المالية العامة (بفضل دور صندوق الزلزال في دعم الإيرادات غير الضريبية) الذي فاق التوقعات وتجاوز الزيادة غير المخطط لها في مستويات الإنفاق. »، وأوصى المديرون التنفيذيون للصندوق الحكومة بـ”… مواصلة تعزيز إطار المالية العامة متوسط الأجل، بما في ذلك من خلال الإعلان عن انعكاسات الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعبئة الأصول الحقيقية الحكومية على الميزانية، …”
وهو ما يعني، حسب الأزمي، أن الصندوق ينبه من جهة إلى أن تغطية النفقات غير المتوقعة في 2023 جاءت بفضل الموارد الاستثنائية التي تم تحصيلها في إطار الحساب الخاص للتضامن المخصص لتدبير الآثار المترتبة عن الزلزال، وهي للتأكيد موارد لن تبقى رهن إشارة الميزانية العامة، وسيتم تحويلها بمقتضى القانون إلى وكالة تنمية الأطلس الكبير لتمويل مشاريع إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة من الزلزال، كما نبه الصندوق إلى المخاطر المرتبطة بالاعتماد على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتفويت الأصول العمومية وضرورة أخذ انعكاساتها بالحسبان على استدامة المالية العمومية، باعتبارها موارد استثنائية وغير مستدامة.
واعتبر الأزمي، أن النقاش حول استدامة المالية العمومية وحول الاختلالات التي ترافق تنزيل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية لم يحسم ومازال قائما ومطروحا وبحدة، ويتطلب من الحكومة وأغلبيتها تجاوز السردية الأحادية والقبول بالنقاش من خلال بسط الرأي والرأي الآخر، وعليها أن لا ترتاح وأن لا تستكين لهذه السردية، وأن تتفاعل بتواضع وبمسؤولية مع ملاحظات المعارضة لأن مسؤولية الحفاظ على توازن المالية العمومية وبمقتضى الدستور هي أمر يعني البرلمان (أغلبية ومعارضة) والحكومة، كما أن الحرص على استفادة كل المواطنين من البرامج العمومية دون إقصاء أو تمييز يعنيهما معا.
المصدر: وكالات