الخميس 12 شتنبر 2024 – 23:36
خدمة نقل المسافرين من مكان إلى آخر، سواء كان النقل بالسيارة أو الحافلة أو القطار أو الطائرة، هي عملية تعاقدية تجارية بين طرفين أو أكثر يكون فيها المسافر هو الزبون وهو طالب الخدمة، وبالتالي فهو من يختار الجهة التي سيتعاقد معها حسب ما هو موجود في السوق وكذلك حسب إمكانياته الذاتية.
وإذا ما حصل أي طارئ يكون معه الناقل مضطرا لتغيير ما اتفق عليه، سواء في نوع الخدمة أو زمنها، فعليه الرجوع إلى الزبون وله أن يقرر إما إتمام العملية التعاقدية أو استرجاع ما دفعه مع التعويض عن الضرر الذي لحق به إن كان هناك ضرر. ما عدا ذلك، فالأمر لا يخرج عن كونه إما تدليسا في القانون المدني، أو ونصبا واحتيالا وعدم تنفيذ عقد في القانون الجنائي إذا كانت نية الناقل سيئة عند التعاقد.
رغم وضوح هذه الصورة، فإن المسافرين القاصدين روما يوم الثلاثاء 10 شتنبر الجاري، وجلهم من الجالية المغربية المقيمة بالديار الإيطالية، الذين اختاروا شركة بلادهم “أجنحة المغرب” لنقلهم إلى مقرات عملهم بعد نهاية العطلة الصيفية، ودفعوا مقابل ذلك سعرا مرتفعا جدا يتجاوز كل منافسة، شعارهم في ذلك “كل شيء يهون من أجل قضاء العطلة داخل الوطن”، وجدوا أنفسهم في وضعية أقل ما يقال عنها إنها لا تستقيم لا تجاريا ولا أخلاقيا؛ فقد كانوا أمام شركة ناقلة أخرى غير الخطوط الملكية المغربية، وعلى متن طائرة لا تبعث على الارتياح، وحتى وإن كانت “بوينغ 737” وحاصلة على كل مواصفات السلامة الجوية، إلا أن تجهيزاتها الداخلية فيها نظر (الكراسي وغيرها)، وبالتالي أقل مما دفعوا ثمنه.
هل من حق الخطوط الملكية المغربية أن “تبيع” مسافريها لشركة أخرى مع راحة وخدمات أقل مقابل عمولة كسبتها من وراء ذلك كما يفعل السمسار؟ لا أعتقد ذلك.
مع أن عددا من المسافرين يعلمون أن أسعار هذه الشركة التي حشروا فيها جد منخفضة في أوروبا، وحتى وإن كان من حق الخطوط الملكية المغربية أن تؤجر ناقلة في المستوى نفسه وبالجودة والتجهيزات والخدمات ذاتها، وليس نوع الطائرة فحسب، فإن عليها أن تشعر المسافرين قبل الرحلة بأنها لن تنقلهم عبر أسطولها الجوي، وبأن طاقمها، من ربان ومساعد ربان ومضيفين ومضيفات، ليس هو من سيقوم بالرحلة، وإنما ستنجز “vol opéré” من طرف شركة أخرى؛ حينها يبقى الزبون حرا: إما السفر مع الخطوط المغربية أو اختيار حل آخر يناسبه. فالأمر في النقل الجوي يتجاوز الأسعار؛ إنه مرتبط بالثقة وبحالة نفسية في غالب الأحيان.
وهكذا، فعدد من المسافرين على هذه الرحلة لم يتقبلوا الأمر وقاموا باحتجاج قوي على طاقم الطائرة، الشيء الذي أدى إلى تأخر إقلاعها. وعوض حضور مسؤولي الخطوط المغربية، المسؤولة الوحيدة على هذه الفضيحة، فقد رجعوا إلى الخلف تاركين ربان الطائرة إيطالي اللسان يفاوض ويشرح بمهنية عالية ويمتص غضب المسافرين، حيث كنت بمقدمة الطائرة وتابعت كفاءة الرجل وحسه المهني العالي أمام موجة من الغضب لا يد له فيها، حتى إن شابا لم يتجاوز عمره الثلاثين سنة علق ساخرا: “هل كانت الخطوط الملكية المغربية تفعل ما فعلت مع الرحلات القاصدة باريس أم حْنا غيرْ مغاربة الطليان؟”.
ما هكذا تتصرف أكبر شركة طيران في أفريقيا من حيث عدد المسافرين بعد طيران إثيوبيا! يبدو أن إعفاء المديرة العامة للمكتب الوطني للمطارات، الذي كان ضروريا ما في ذلك شك، ليس كافيا لتجاوز هفوات النقل الجوي والمغرب يعد الأيام لمواعيد حاسمة وفي أمس الحاجة لأجنحة غير معطوبة.
المصدر: وكالات