جدد تصنيف موقع “إنسايدر مانكي” الأمريكي المغرب ضمن 25 دولة في العالم الأكثر استهلاكا للفحم، حصار وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بخصوص “الوتيرة التي تسير بها مشاريع الطاقات المتجددة” قصد التحكم في الفاتورة الطاقية وتقليص التبعية للخارج، خصوصا بعدما تعثر استعمال الغاز الطبيعي، كطاقة انتقالية، في إنتاج الكهرباء الوطني غداة توقف الأنبوب المغاربي الأوروبي.
المغرب انضم إلى تحالف دولي للتقليص التدريجي من الفحم في توليد الطاقة الكهربائية، قبل أسابيع، لكن السؤال الذي ظل يطرح هو: “هل يمكن التخلص من الفحم بالمغرب وأثره في المزيج الطاقي في حدود 2030 وفق ما تمليه الاستراتيجية الوطنية الطاقية التي تراهن على رفع حصة الطاقة المتجددة في المزيج الكهربائي إلى 52 في المائة؟”، وهو ما يعني أن المرور نحو السرعة القصوى صار أمرا ملحا في المرحلة الحالية.
“إصرار طاقي”
محمد السحايمي، خبير طاقي باحث مناخي، أفاد بأن “استعمال الفحم الحجري في توليد الطاقة ببلادنا مازالت أسسه متينة ولم يشأ أن ينحاز جانبا لتمكين ورش الطاقات المتجددة من الانتشار التام والشامل”، موضحا أن “الحزام الساحلي الممتد بين القنيطرة وآسفي، الذي يعتبر الأكثر كثافة سكانية في البلاد والأكبر اقتصاديا، مازالت مدنه تعتمد على الكهرباء المستخرج من حرق الفحم الحجري، بمعنى أن القطيعة مع الشاربون مازالت بوادرها بعيدة المنال”.
وضرب المتحدث المثال بمدينة المحمدية، قائلا: “حين نستحضر المدينة البيئية زناتة الجديدة، فهي تطل تماما على المحطة الحرارية بشكل معيب وتتوشح سماؤها وبحرها بالغبار الأسود الناتج عن احتراق الفحم الحجري، على غرار باقي أحياء المحمدية والشلالات وعين حرودة”، مشيرا إلى أن “الطلب على الطاقة اليوم بالمغرب يزداد بشكل أكبر نتيجة دخول البلاد في إنتاجات صناعية متجددة واستثمارات كبرى، وبالتالي مزيد من الوقود الأحفوري ومزيد من التلوث”.
وسجل السحايمي، في تصريح لهسبريس، أن “الملاحظ أننا لم نضع أسس التوازن الطاقي بشكل مطلوب، واكتشفنا أنه رغم الإمكانيات المتوفرة لإنتاج وفير من الكهرباء النظيفة، بما في ذلك موقعنا الجغرافي المتميز والأجواء السائدة في مجمل أراضي البلاد، إلا أننا ما نزال نصر على حرق الفحم الحجري كشر لا بد منه لتحريك عجلة الصناعة الوطنية، خصوصا في هذا الحزام الساحلي”، مشددا على أنه “يتعين الإسراع بالقطيعة مع الفحم، ووضع خارطة طريق لانتزاع هذا الكائن القاتل وجعله في خانة الماضي الأسود”.
“رهان مطروح”
مصطفى لبراق، خبير طاقي، قال إن “جهود العالم لخفض الاعتماد بشكل تدريجي على الفحم مرتفعة، والطريق أمام المغرب مازال شاقا للتخلص الكلي من الفحم في المزيج الطاقي”، مشددا على أن “استثمار الغاز الطبيعي في إنتاج الطاقة عوض الفحم، سيتطلب استثمارا ووقتا، لكون الطلب على الكهرباء صار يزداد، والقطع مع الفحم الذي أثقل الفاتورة الطاقية يعد خطوة ضرورية وأساسية في الوقت الحالي”.
وأبرز لبراق، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “استمرار الفحم والطاقات الأحفورية بشكل عام يصعب الانتقال الطاقي الذي يتطلب استثمارات كبيرة في المجالين الخاص والعام”، مؤكدا أن “الرهان لدى المغرب موجود، والإرادة السياسية حاضرة، ولدينا استراتيجية طاقية وطنية تراهن على زيادة حصة الطاقة المتجددة في المزيج الكهربائي إلى 52 في المائة بحلول 2030 وتأهيل الطاقات المتجددة لزيادة الكفاءة في مجال توليد الكهرباء”.
وخلص الخبير الطاقي إلى أن “محطات الطاقة العاملة بالفحم ما تزال هي السائدة في مجال إنتاج الكهرباء، ونسبة الطاقات المتجددة في المزيج الطاقي تظل محتشمة في الوقت الحالي، ما يثبت أن الرفع من حجمها يعني الرفع من الاستثمارات في مجالات الطاقات الشمسية والريحية والهيدروجين الأخضر”، مسجلا أن “المغرب لديه إمكانات طبيعية مهمة لكي يتجه نحو زيادة حجم الطاقات المتجددة، لكن إذا ما أردنا أن نبلغ الرهان الوطني، علينا أن نسابق الزمن لكي نحسم في الأمر في حدود 2030”.
المصدر: وكالات