باتت البيئة البحرية، التي لم تحظ بالقدر الكافي من الدراسة، تثير اليوم فضول العلماء في محاولاتهم لفهم الظواهر المناخية التي تميز العصر بشكل أفضل. في هذا الاتجاه، يستخدم علماء المحيطات الاسكتلنديون طائرات شراعية آلية تحت الماء لاكتشاف مناطق ظلت مجهولة.
وتستخدم الجمعية الاسكتلندية لعلوم البحار هذه التكنولوجيا بشكل خاص لرصد تيارات المحيطات، واكتشاف علامات التدهور المناخي. ومن أوبام، على الساحل الغربي الاسكتلندي، تنشر الجمعية الروبوتات للقيام بمهام مستقلة بين المملكة المتحدة وأيسلندا. والهدف هو مراقبة “الحزام الناقل” الذي ينقل المياه الدافئة والباردة بين منطقة البحر الكاريبي والقطب الشمالي.
ويتعلق الأمر بنظام واسع من التيارات المحيطية، يعرف باسم الدورة الانقلابية للمحيط الأطلسي، التي يعتقد علماء المناخ أنها تلعب دورا رئيسيا في توزيع الحرارة على نطاق الكوكب، والتغيرات الإقليمية في مستوى سطح البحر وامتصاص المحيطات للكربون؛ وغالبا ما توصف بأنها نظام التدفئة المركزية في أوروبا. وهذه الحركة هي التي تفسر المناخ المعتدل نسبيا في شمال أوروبا مقارنة بالمناطق الأخرى الواقعة على خط العرض نفسه.
بمتوسط مدة خمسة أشهر، تتيح مهمات الطائرات الشراعية الآلية دراسة هذه التيارات المسؤولة عن توزيع الحرارة الاستوائية في جميع أنحاء العالم، التي يمكن أن يكون لتدهورها تأثير مدمر على جزء كبير من الكوكب.
وتشير المنظمة على موقعها الإلكتروني إلى أن طائراتها الشراعية الآلية تغوص في أعماق تصل إلى 1000 متر، وتجمع بيانات عن درجة حرارة الماء ومستويات الأكسجين والملح؛ وهي تتحرك بسرعة نصف ميل في الساعة وتعود إلى السطح كل خمس إلى ست ساعات للتواصل مع فريق البحث عبر الأقمار الصناعية، ما يوفر فائدة مزدوجة تتمثل في أخذ القياسات على مدار العام والوصول إلى أماكن لم يكن من الممكن الوصول إليها سابقا.
وقامت الجمعية بتشغيل طائرات شراعية شمال شرق المحيط الأطلسي منذ عام 2010، مع جمع بيانات شبه مستمرة عن الطائرة لمدة 10 سنوات؛ ونفذت خلال هذه الفترة 29 مهمة قطعت خلالها 65 ألف كيلومتر.
وتتيح هذه الاستمرارية للعلماء الفرصة لفهم ظواهر الاحترار بشكل أفضل، كما تساعد قدرة الطائرات الشراعية على إجراء قياسات منتظمة على سد فجوات البيانات المهمة.
وردا على سؤال لبي بي سي حول هذا الموضوع، وصف البروفيسور مارك إينال، خبير علوم المحيطات في الجمعية، هذه الدورة وتأثيرها على حرارة شمال المحيط الأطلسي بأنها جزء “حيوي” من النظام المناخي للأرض، وقال: “إنها تحمل كميات هائلة من الحرارة من المناطق الاستوائية إلى المناطق القطبية. وينتهي الكثير من هذه الحرارة في الغلاف الجوي، ما يجعلها مكانا عاصفا للغاية، خاصة في جميع أنحاء المملكة المتحدة”.
وتساعد البيانات التي تجمعها الطائرات الشراعية العلماء على فهم أفضل لكيفية تأثر الغلاف الجوي بالتغيرات في المحيط، كما توفر بيانات في الوقت الفعلي تقريبا للتنبؤات الجوية على المدى القصير.
وبهذا المعنى، عندما كشفت الأقمار الصناعية عن درجات حرارة قياسية لسطح البحر في جميع أنحاء منطقة المملكة المتحدة وأيرلندا في منتصف شهر يونيو قدمت تلك الأجهزة فهما أفضل لهذه الحلقة من ظاهرة الاحتباس الحراري، وكشفت أن درجات حرارة البحر القصوى، التي كانت أعلى بـ 5 درجات مئوية من متوسط يونيو، كانت في أعلى 20 مترا من المحيط، في حين كانت درجات الحرارة طبيعية نسبيا أدناه.
ويتكهن العلماء بأن أصل موجة الحر البحرية هذه يمكن أن يكون تحولا وإضعافا للرياح، التي من شأنها عادة تبريد سطح البحر. ورغم أنه من غير المرجح أن تكون الدورة المشار إليها السبب في موجة الحر هذه فإن العلماء يعولون على البيانات التي توفرها الطائرات الشراعية لتحسين فهم انعكاسات الظاهرة على أعماق المحيط.
المصدر: وكالات