اختارت فعاليات صيدلانية التنبيه مجددا إلى “استمرارية وجود فاعلين غير صيدلانيين يلجؤون إلى بيع الأدوية، وهو ما يؤطره القانون رقم 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة”، على اعتبار أنه موضوع “قديم جديد” يحييه أصحاب “الوزرة البيضاء” في كل مرة يعود إلى الواجهة.
ولا تزال ظاهرة بيع بعض المستحضرات والتشكيلات الدوائية مستمرة ببعض محلات المواد الغذائية، إذ يعتاد المواطنون على التردد على الدكاكين التي تروّج هذه العناصر الدوائية بشكل خفي وبالتقسيط، بما يجعلها دائما في تعامل مع زبناء يرغبون في اقتناء وحدات من دواء بعينه، خصوصا المصنفات الدوائية الموجهة أساسا لعلاج الزكام على سبيل المثال.
وتحدد مقتضيات القانون رقم 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة طريقة بيع الأدوية منذ تجهيزها بالمصنع إلى غاية وصولها إلى الصيدلاني الذي جعلت له الحق الحصري في ترويج الدواء، معتبرة ضمن المادة 55 منها أن أماكن مزاولة مهنة الصيدلة هي الصيدليات ومخزونات الأدوية بالمصحات والمؤسسات الصيدلية، في الوقت الذي تقرر لجان التفتيش والمراقبة عقوبات قاسية ضد كل متورط في هذا الصدد.
وعلى الرغم من دخول المدونة ذاتها حيز التنفيذ في سنة 2006 ووجود عدد من التدابير فيما سبق؛ فإن ذلك لم يمنع من ظاهرة بيع بعض المستحضرات والتشكيلات الدوائية بمحلات تجارية متخصصة في بيع المواد الغذائية، ولو أنه قلص من استمرارية ترويج بعض العلامات الدوائية في تلك المحلات؛ الأمر الذي يجمع ممثلين عن الصيادلة وممثلي البَقّالة كذلك على مطلب “إنهاء رواج الأدوية خارج الصيدليات بشكل قطعي”.
مخالفة قانونية
متفاعلا مع الموضوع، قال حمزة كديرة، رئيس المجلس الوطني لهيئة صيادلة المغرب، إن “المبدأ هو أن الأدوية تُصنّع عند المصنّع ثم تُحال على الموزع النائل للترخيص والذي يقوم بتوزيعها على الصيدليات المكلفة بتوفيره لفائدة المواطنين باعتباره مادة حيوية”.
وأضاف كديرة، في تصريح لهسبريس، أن “كل ما هو خارج هذه السلسلة من ممارسات وفاعلين فهي تحيل على أمور تخالف ما ينص عليه القانون”، لافتا إلى أن “هذا الأخير شدد كثيرا في مسألة توزيع مختلف التشكيلات الدوائية وجعلها من اختصاص الصيدلاني لا غير، بمعنى أن لجوء فاعلين بقطاعات أخرى إلى ترويج الأدوية ممنوع بقوة القانون لكونه انتهاكا لاختصاص ينظمه القانون”.
وزاد رئيس المجلس الوطني لهيئة صيادلة المغرب: “هذا النشاط يشكل خطرا، بطبيعة الحال، على المواطنين. ولذلك، فإننا نواصل التنبيه إليه كلما تبينت حالات جديدة، على الرغم من تراجع هذا النشاط مقارنة مع ما سبق، حيث كانت وقتها جمعيات تقف وراء عمليات ترويج الأنسولين على سبيل المثال”، مشيرا إلى أن “من يبيع مستحضر “دوليبران”، اليوم، سيبيع دواء القلب غدا”.
كما رفض الفاعل المهني ذاته “استغلال عدم وجود صيدلية بمنطقة معينة من أجل تقديم الخدمات التي تقدمها بمقتضى القانون.. فهُنا، لا مجال لتقديم خدمةٍ بدون سند قانوني، إذ إن في كل نقطة يباع فيها الدواء يجب أن يكون هناك صيدلاني يشرف على العملية”.
وأكد المتحدث أن “العملية التي نتحدث عنها لا تزال موجودة ببعض المناطق، بالموازاة مع وجود تشديد للمراقبة على خرق منصوص مدونة الأدوية والصيدلة، إذ يواجه كل متورط في هذه الأنشطة عقوبات مشددة”.
ممارسات في تراجع
معالجة هذا الموضوع استدعت التواصل مع طرف ينتمي إلى الجانب “المُتّهم”. في هذا الصدد، أوضح الطيب آيت أباه، العضو السابق بغرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط سلا القنيطرة، أن “هذه الظاهرة في نهاية المطاف تراجعت بشكل كبير بعدما كانت أشبه بنشاط معتاد؛ وهو ما أتى بعد أن تم تنبيه التجار إلى أن عقوبة هذا الفعل يمكن أن تصل إلى الإكراه البدني، وأن النشاط خاص وبقوة القانون بالصيدليات”.
وقال آيت أباه لهسبريس بأنه “عن غير وعي كان بعض الأفراد يتعاطون لهذا النشاط بدافع تقريب الدواء من المواطن وتوفيره بصيغة التقسيط؛ وهو، في نهاية المطاف، أمر غير قانوني لأنه ليس مادة غذائية وإنما دواء توزعه الصيدليات حصرا”، لافتا إلى أن “هناك اليوم وعيا في صفوف شرائح واسعة من التجار بطبيعة الموضوع”.
وزاد: “نحن، في نهاية المطاف، مع وقف النشاط بشكل كامل. ومن حق الصيادلة المطالبة بذلك، حيث صارت الصيدليات اليوم منتشرة بشكل كبير بمختلف المناطق، وليس هناك أي مبرر يمكن المحاججة به في هذا الصدد؛ فالتاجر يمكن أن يتحمل مسؤوليات أكبر منه في حالة تلوث الدواء أو مسّه ضرر أثر على صحة الزبون”، مسجلا “وجود حالاتٍ لمن أدوا غرامات جد قاسية بعد ثبوت تورطهم في هذا الصدد”.
المصدر: وكالات