تواصل درجات الحرارة ارتفاعها غير المعتاد في شهر أكتوبر، مسجلة ضغطا إضافيا على فلاحي المملكة رفع من درجة خوفهم من مستقبل الموسم الفلاحي المقبل، الذي لا تبدو أي بوادر مشجعة على بدء الاستعداد الفعلي له من خلال حرث الأرض استعدادا لزرع البذور في الأسابيع المقبلة.
وتأتي موجة الحرارة التي تسجلها معظم أقاليم المملكة لتضاعف من حدة الوضع المائي بالبلاد، وإبطاء الموسم الفلاحي، وإرجاء عدد من الزراعات المهمة، الأمر الذي ستكون له انعكاسات كبيرة على الأسعار في السوق الوطنية لعدد من المنتجات في الأشهر المقبلة.
وتواصلت جريدة هسبريس الإلكترونية مع عدد من الفلاحين في المناطق المعروفة بزراعة الشمندر السكري، مثل الغرب واللوكوس، حيث تبدأ عملية الزرع في الوقت الحالي، إلا أنهم أكدوا أن العملية مازالت متوقفة، خصوصا مع شح المياه وعدم تمكينهم منها؛ فيما أعلن كثير منهم أنهم يفكرون في التخلي عن هذا النوع من “الزراعة المكلفة وذات المردود الضعيف”، حسب تعبيرهم.
في تعليقه على الموضوع، اعتبر رشيد بنعلي، رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (كومادير)، أن “الحرارة المرتفعة التي تسجلها البلاد خلال شهر أكتوبر الجاري لها تأثيرات وخيمة على أشجار الزيتون والحوامض وعدد من الزراعات الأخرى”.
وقال بنعلي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية إن محصول أشجار الزيتون “يتراجع بشكل يومي بسبب الحرارة وقلة المياه، لأنه لا يقدر على مقاومة هذا الجو الحار”، مؤكدا أن “الحوامض بدورها ستتأثر، لأن هذا الجو غير ملائم لها”.
وسجل رئيس “كومادير” أن “المشاكل الخطيرة لهذه الحرارة تتمثل في عدم بدء بعض الزراعات حتى الآن، مثل الشمندر السكري والبطاطس”، وأضاف: “الشمندر ينبغي أن يزرع في هذا الوقت عبر السقي، وهو ما لم يحصل حتى الآن، إذ إن الفلاحين حائرون هل يزرعونه أم لا”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “المناطق المعروفة بزراعة البطاطس لم تعد تتوفر على الماء، ومع ارتفاع درجات الحرارة في الوقت الحالي أصبح الفلاح خائفا من زراعتها”، معتبرا أن هذا الأمر “سيكون له انعكاس سلبي على الإنتاج في المستقبل، إذ سيقل وينعكس سلبا على السوق ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار”.
وزاد بنعلي: “ندعو الله أن يرحمنا في أقرب وقت ممكن، هذا ما نطلبه”، مبرزا أن “أربع سنوات متتالية من الجفاف أدت إلى إفقار الفلاحين وجعلهم غير قادرين على تحمل مصاريف الحرث والزرع”.
وتابع رئيس “كومادير”: “ما يثير الخوف هو أن تستمر درجات الحرارة في ارتفاعها الحالي، ويعزف الفلاحون عن زراعة الحبوب، وهذا هو الأخطر؛ وحتى إذا أرادوا أن يزرعوا في الوقت الراهن فلا يمكنهم ذلك، لأن الأرض جد صلبة وستستعصي على الحرث”، في إشارة إلى أن الموسم الفلاحي المقبل يمكن أن يصبح في مهب الريح إذا استمرت الأجواء على حالها في الأسابيع المقبلة.
كما اعتبر بنعلي أن الفلاح المغربي من أكثر المتضررين من التغيرات المناخية التي يعرفها العالم، وبالتالي “عدم قدرته على الزراعة خلال هذه السنة ستكون أمرا طبيعيا بسبب توالي الخسائر طيلة سنوات متتالية”، وزاد: “الفلاح لم يعد قادرا على تحمل تكاليف الإنتاج بعد هذه السنوات الجافة المتوالية”، لافتا إلى أن التعويض على الجفاف يبقى “هزيلا ولا يغطي إلا حوالي 20 في المائة من المصاريف في زراعة مثل الحبوب”.
المصدر: وكالات