يترقب المستثمرون في بورصة الدار البيضاء بفارغ الصبر ما سيسفر عنه اجتماع المجلس الإداري الأول لبنك المغرب هذه السنة، المرتقب عقده الثلاثاء المقبل، فيما يراهن أغلبهم على محافظة عبد اللطيف الجواهري، والي البنك المركزي، على معدل الفائدة الرئيسي عند 3 في المائة دون تغيير، لغاية تلمس الطريق خلال ما تبقى من أشهر السنة، في ظل حالة عدم اليقين التي تسيطر على الأسواق.
وتستند توقعات المستثمرين إلى توجهات البنك المركزي الأوربي والاحتياطي الفدرالي الأمريكي في خفض معدلات الفائدة الرئيسية، في ظل حالة الركود التضخمي الحالية واستقرار الأسعار في الأسواق العالمية، رغم استمرار تداعيات الأزمة الاقتصادية المرتبطة بجائحة كورونا، والتوترات الجيو-سياسية من خلال الحرب الروسية- الأوكرانية؛ فيما تشير التقديرات الأولية لمسار سوق السندات إلى تخفيض مرتقب في معدل الفائدة الرئيسي خلال الأشهر المقبلة.
استقرار تضخمي
يشكل رفع معدل الفائدة الرئيسي أداة مهمة في السياسة النقدية لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم، التي يعزز استقرارها توقعات محافظة بنك المغرب على معدل فائدة ثابت دون تغيير أو تخفيضه في أحسن الأحوال، إذ سجل معدل التضخم على المستوى العالمي تراجعا مهما مع بداية السنة الجارية، منتقلا من 10.1 في فبراير 2023 إلى 2.3 في المائة متم يناير 2024، وهي الأرقام التي تمثل مؤشرات إيجابية تكشف عن بعض ملامح القرار المرتقب اتخاذه من قبل البنك المركزي بعد أيام قليلة.
واعتبر محمد يازيدي شافعي، خبير اقتصادي، أن الظرفية الاقتصادية الراهنة، التي يمكن وصفها بـ”الاستقرار التضخمي”، لا تسمح بزيادة معدل الفائدة الرئيسي، المستقر حاليا عند 3 في المائة، والذي شهد ارتفاعا بـ150 نقطة على الأساس منذ شتنبر 2022، موضحا أن أي زيادة سترفع تكاليف القروض وتعيق تطور الاستثمارات، ومشددا في السياق ذاته على أن توقعات البنوك المركزية الأوربية بشأن السنة الجارية أشارت جميعها إلى انكماش اقتصادي، بعد قرارات سابقة رفعت خلالها معدلات الفائدة الرئيسية.
وقال يازيدي، في تصريح لهسبريس، إن “المغرب إذا ما ساير توجه البنوك المركزية الأوربية فسيتأثر اقتصاده سلبا، باعتبار ارتباط 60 % من معاملاته التجارية مع أوربا، وبالتالي فأي زيادة في سعر الفائدة الرئيسي ستؤثر سلبا على النشاطين الاستثماري والائتماني، خصوصا أن وضعية الصرف في المغرب تتميز بخصوصية عن نظيرتها الأوربية المحررة”.
تحفيز الاستثمار
يظل القرار المرتقب بشأن المحافظة على معدل الفائدة الرئيسي دون تغيير أكبر محفز للاستثمار خلال الفترة الراهنة، ويتماشى مع متطلبات المستثمرين، في ظل تواتر منتجات ومصادر التمويل الموجهة إلى المقاولات، خصوصا الصغرى والمتوسطة، علما أن دعم الاستثمار يعد أولوية وطنية في إطار تنفيذ خطة الطوارئ لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الزلزال، خصوصا أن توقعات التضخم تتقارب مع هدف بنك المغرب لاستقرار الأسعار خلال السنة الجارية، أي نسبة 2 في المائة.
وبالنسبة إلى رضى مستغفر، محلل الأسواق المالية، فبنك المغرب مازال ينتظر انتقالا أفضل لزياداته المتتالية في سعر الفائدة الرئيسي إلى الاقتصاد الحقيقي، في ظل تراجع الضغوط التضخمية على المستوى الوطني، معتبرا أن قرارا بالمحافظة على معدل الفائدة الرئيسي دون تغيير “جد مبرر” في ظل الظروف الراهنة، ويعكس توقعات السوق المالية، وموضحا أن القرار سيرتكز على وجود استقرار تضخمي اليوم، بعد مرحلة من الركود التضخمي، رغم تسجيل ارتفاعات طفيفة بين الفينة والأخرى في أسعار بعض المنتجات الاستهلاكية.
ويوضح مستغفر، في تصريح لهسبريس، أن بنك المغرب ليس في حاجة حاليا إلى تفعيل أحد أدوات السياسة النقدية، باعتبار عدم وجود أي موجة تضخمية جديدة، تحتم رفع سعر الفائدة الرئيسي، متوقعا في المقابل تخفيض معدل الفائدة الرئيسي خلال الأشهر المقبلة من السنة الجارية، خصوصا أن النسبة مرتفعة والمقاولات والمواطنات والمواطنين الراغبين في الحصول على التمويلات والقروض تضرروا من ارتفاع كلفة الاقتراض.
يشار إلى أن التضخم انقسم على اثنين منذ ذروته، خلال ما يناهز 30 سنة، إذ قفز في فبراير 2023 إلى 10,1 %، ليصل إلى 5 % في شهر غشت 2023، فيما انخفض التضخم الأساسي لأول مرة إلى ما دون نسبة 5 % منذ مارس 2022.
المصدر: وكالات