ارتفع معدل البطالة في المغرب إلى 13.7 في المائة في الثلاثة أشهر الأولى من العام الحالي مقابل 12.9 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفق ما أكدته المندوبية السامية للتخطيط في آخر مذكرة إخبارية حول وضعية سوق الشغل.
وأكدت المندوبية، ضمن المذكرة ذاتها، ارتفاع عدد العاطلين إلى مليون و645 ألف شخص على المستوى الوطني، في الفترة ما بين الربع الأول من 2023 وحتى الربع الأول من 2024 بواقع 96 ألف شخص؛ من بينهم 59 ألفا بالوسط الحضري، و38 ألفا بالوسط القروي.
ووفق المصدر ذاته، فقدت سوق الشغل 159 ألف فرصة عمل بالوسط القروي؛ فيما تم استحداث 78 ألف وظيفة بالوسط الحضري، “ليتراجع الحجم الإجمالي للشغل 80 ألف منصب”.
تعليقا على هذه الأرقام، قال عبد الرزاق الهيري، مدير مختبر “تنسيق الدراسات والأبحاث في التحليلات والتوقعات الاقتصادية” بجامعة فاس، إن “البطالة تُعد معضلة للاقتصاد الوطني، كما أن هذه النسبة تعتبر مرتفعة في وقت وعد فيه البرنامج الحكومي بعدد كبير من مناصب الشغل ونسبة نمو قادرة على التخفيف من هذا المعدل”.
وأضاف الهيري، ضمن تصريح لهسبريس: “صحيح أن أرقام المندوبية ترجع إلى مجموعة من العوامل؛ منها الجفاف الذي انعكس على مناصب الشغل في المجالين الفلاحي والغابوي بشكل أكبر، ثم ضعف القدرة الشرائية للمواطنين التي أدت إلى إضعاف المقاولات وإفلاسها.. إلا أن السلطات العمومية مطالبة بالانكباب بشكل جدي ومسؤول على هذه المعضلة من أجل البحث عن الأعطاب التي تحول دون خلق مناصب شغل”.
وشدد الخبير الاقتصادي ذاته على أن البحث “يجب أن يكون منصبا على أعطاب البرامج الحكومية الواعدة؛ كأوراش وفرصة، والتي حالت دون أن يكون لها أثر مباشر على خلق مناصب شغل. ثم إصلاح محيط الأعمال، عبر الإصلاح الضريبي وإخراج ميثاق الاستثمار الجديد الذي يعتبر ثورة نوعية في مجال الاستثمار”.
واعتبر الأستاذ الجامعي ذاته أن الوقت “قد حان لسياسة مندمجة وشمولية تحاول الإجابة عن إشكاليات التشغيل والنمو وتشجيع الاستثمار”، مشيرا إلى أن هذه السياسة “يجب أن تأخذ بعين الاعتبار التحولات التكنولوجية التي تؤدي إلى استعمال متنامي للتقنيات الحديثة في مكان العمل والاستغناء عن اليد العاملة، ثم الطابع الترابي لخلق مناصب الشغل لإشراك الفاعلين على الصعيد الترابي من أجل التفكير في الحلول الملائمة لخصوصية كل جهة”.
لارتفاع معدل البطالة من 12.9 في المائة إلى 13.7 في المائة تأثيرات اقتصادية متعددة على اقتصاد المغرب. وذكر محمد أمين سامي، الخبير في التخطيط الاستراتيجي والاقتصاد؛ من بينها “تقلص القوة الشرائية الناتجة عن فقدان الوظائف، وانخفاض الدخل المتاح للأسر، مما يؤدي إلى انخفاض الاستهلاك والطلب على السلع والخدمات”.
من بين التداعيات أيضا، أضاف سامي في حديث لهسبريس، زيادة الإنفاق الحكومي على النظام الاجتماع نتيجة زيادة الطلب على الدعم الحكومي والخدمات الاجتماعية؛ مما يزيد من العبء على الميزانية العامة، فضلا عن تأثيرها (البطالة) على النمو الاقتصادي بعد انخفاض الإنتاجية والناتج المحلي الإجمالي.
ونبه الخبير ذاته إلى أن ارتفاع معدل البطالة يمكن أن يؤثر أيضا بشكل سلبي على الاستثمار، إذ إن انخفاض الطلب وعدم اليقين الاقتصادي يؤديان إلى تراجع الاستثمارات الخاصة والأجنبية، خالصا إلى أن “الحكومة مطالبة اليوم أكثر بتوفير مناخ الأعمال وتشجيع المقاولات ومواكبتها ودعمها من أجل المساهمة في امتصاص البطالة”.
المصدر: وكالات