تواصل درجات الحرارة تحطيم الأرقام القياسية في الأشهر الماضية على غير المعتاد، مدفوعة بالتغيرات المناخية الحادة التي تشهدها العديد من بلدان العالم؛ من بينها المغرب، الذي بدأ يشهد بوادر موسم حار في الأشهر المقبلة ستكون له انعكاسات سلبية على الوضع المائي الصعب في المملكة.
ووفق الإحصائيات الخاصة بالأحوال الجوية للمغرب، فإن مجموعة من المدن سجلت أرقاما قياسية في درجات الحرارة في عز فصل الشتاء الجاري؛ الأمر الذي لا يبشر بخير، وينبئ بسنة أصعب من سابقاتها.
أمام تراجع معدل التساقطات وضعف نسبة ملء السدود التي لا تتعدى 25 في المائة، يرتقب أن تضغط درجات الحرارة المرتفعة على الموارد المائية المخزنة في السدود، وترفع من نسبة التبخر الذي يعد من أبرز التحديات التي تواجهها المملكة في الحفاظ على المخزون المائي السطحي المتراجع.
عبد الرحيم كسيري، المنسق الوطني للائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة، اعتبر، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن الظواهر الحادة المرتبطة بتغير المناخ في العالم “تزيد من مفاقمة الوضع المائي بالمغرب وحصة الفرد من الماء التي نزلت تحت عتبة 600 متر مكعب للشخص”.
وأضاف كسيري مبينا أن انخفاض معدل التساقطات المنخفض أثر على المنحى التراجعي للموارد المائية، مؤكدا أن عدم انتظام التساقطات يساهم في تفاقم المشكل وانعكاساته على القطاع الفلاحي.
وتابع المنسق الوطني للائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة موضحا “اختلال إيقاع التساقطات وارتفاع درجة الحرارة وكأننا أصبحنا نعيش فصل صيف ممتد، يجعل التساقطات التي تسجل في يوم واحد وكأنها زخات مطرية في عز الصيف”، معتبرا أن هذه الحرارة سترفع من نسبة تبخر المياه.
وزاد المتحدث ذاته مبينا أن الأرقام القياسية المسجلة في درجات الحرارة “تؤثر بشكل كبير على المياه السطحية، وتفقدنا ملايين الأمتار المكعبة”، مطالبا الحكومة بالعمل على إقرار حلول استعجالية لحماية مياه السدود القليلة من التبخر.
وأشار كسيري إلى أن الدول جميعها تجتهد لـ”تغطية المياه السطحية وحمايتها بطرق متنوعة”، معتبرا أن المغرب ما زال “في مراحل تجريبية لمواد مختلفة تفرمل عملية تبخر المياه بسبب درجات الحرارة المرتفعة”، مشددا على ضرورة تبني استراتيجية جديدة ومستعجلة في هذا المجال.
من جهته، سجل محمد بنعبو، الخبير في المناخ والبيئة، أن موجات الحرارة الاستثنائية العالية التي نسجلها مع التغيرات المناخية في يناير وفبراير الجاري لها “تأثير مباشر على الموارد المائية السطحية بشكل خاص”.
وأضاف بنعبو، ضمن تصريح لهسبريس، أن هذه الحرارة يمكن أن تفقدنا “مليون متر مكعب في اليوم بسبب التبخر والذي يمكن أن يصل إلى 70 في المائة من استنزاف الموارد المائية السطحية”، مشددا على أن هذا الوضع سيفاقم من حدة الأزمة المائية ببلادنا.
وأشار الخبير ذاته إلى أن قلة الموارد المائية مع ندرة التساقطات وارتفاع درجات الحرارة في فصل الشتاء “مسألة تؤرق بال المسؤولين وتؤثر على المزروعات والنباتات التي انتعشت مع التساقطات الأخيرة، إلا أنها سرعان ما ستفقد هذه الانتعاشة بسبب الحرارة الغير طبيعية التي نشهدها”.
واعتبر بنعبو أن المغرب مدعو إلى “الاقتداء بالتجارب الدولية في الحفاظ على المياه السطحية وحمايتها من التبخر، مثل الصين وكندا”، لافتا إلى أن بلاد التنين تعمل على “تغطية المياه السطحية بالألواح الشمسية لتمنع تبخرها بسرعة وفي الوقت نفسه تنتج الطاقة النظيفة”.
المصدر: وكالات