الخميس 20 يونيو 2024 – 02:00
تشهد عدد من أرجاء منطقة سوس الاحتفالات بطقوس “بيلماون”، وهي عادات فرجوية تبعث الحياة في شرايين يوميات عيد الأضحى، وتشكل مدينة الدشيرة واحدة من هذه المناطق التي تحتفي ساكنتها بمختلف أجيالها المتعاقبة ولفيف مجتمعها المدني بهذا الحدث الثقافي الاستثنائي المرتبط في كل تفاصيله وجزئياته بمناسبة عيد الأضحى.
وتسود، وفقا للباحث المغربي في الفرجات الأمازيغية وفنون العرض عز الدين الخراط، علاقة جمالية ورمزية بين فرجة “بيلماون” ومناسبة عيد الأضحى، إذ تتخذ الفرجة من العيد مقومات عديدة، “منها ما هو مرتبط بزمن انطلاق الحدث الفرجوي وسياقاته الثقافية والروحية، ويستمد منه في الوقت نفسه مادته الحكائية وأبعاده الدرامية وسروده الفرجوية، وتتضافر هذه العناصر كلها لتجديد وتوطيد الصلة بالماضي وترسيخ الذات الأمازيغية بكل أصالتها وعلاقتها بالهويات المتباينة عبر سيرورة تاريخية محكمة”.
ويرى الخراط، متحدثا إلى هسبريس، أن فرجة “بيلماون” قد “شهدت تحولات عديدة شملت توصيفها الخطابي والأدائي وتنويعات كثيرة دخلت على النماذج الأصلية من الرموز والقيم والعلامات، تنطوي على التناقض والتوافق معا وهي تحاول إنتاج حضورها في الحياة العصرية، ولا يمكن تحديد هذه المتغيرات التي طرأت على الأصول في سيرورة التحول من أجل التكيف مع السياقات الراهنة في هذا النموذج إلا من خلال مقاربة يمكن من خلالها التعرف على الوافد المستعار والدخيل وعلى الأصيل المتحول من العناصر والمكونات الأساسية والثانوية معا”.
تستمد فرجة “بيلماون” عقدها التواصلي، تبعا للباحث عز الدين الخراط، انطلاقا من علاقة الناس، شبابا وشيبا، بهذه الفرجة وبأصولها صرف التقليدية، “ويظهر ذلك من انخراط المواطنين/المتفرجين في تشكيل الهندسة الثقافية لهذا الحدث الفرجوي، بدءا بتشييد البناء السينوغرافي للفضاء، مرورا بتقسيم الأدوار، وتوزيع المهام والمسؤوليات، إذ تعتمد هذه المقاربة التشاركية على كون هؤلاء المنظمين لفرجة بيلماون ينتقلون بسلاسة بين لعب دورين، أحدهما يكمل الآخر، مثل شخوص العرض المسرحي بين مستهلكين للفرجة ومؤدين لها، تستند إلى إشراك الجميع، مؤدين وجمهور، لتتحول الساحات التي تؤشر على سريان فرجة بيلماون إلى ما يشبه خشبة مسرح كبيرة، تتقاطع فوقها أصوات الناس وأفكارهم ووجهات نظرهم حول تدبير العرض وتحققاته السردية والدرامية”.
ومن هذا المنطلق، يتابع المتحدث، “يصير المجال/الساحة/أسايس، نقطة انطلاق وجذب لمجموعة من الأفراد، بغية صناعة فرجة شعبية تستجيب للرغبة في تحقيق تماسك اجتماعي متجانس ينسجم مع الأثر الفني الذي تحققه الفرجة، وتتحول إلى إطار يدعو إلى التركيز على استعمال اللغة في بعدها البراغماتي، بحيث تستعمل تارة بمثابة وسيط لنقل المعلومات وإبلاغها، وتارة أخرى بمثابة مصدر من مصادر الاندماج الاجتماعي، فيندرج البعد الأول في سياق استراتيجي، والثاني في سياق تواصلي، ثم يصبح البعدان محورا تدور في فلكه كل المواقف والأفعال التواصلية التي تؤدي إلى تحقيق التفاهم أو الإجماع”.
المصدر: وكالات