نقاش غنيّ ومثمر ذاك الذي شهدت على أطواره إحدى قاعات ‘قرية باب إغلي’ التي تحتضن، طيلة هذا الأسبوع، واحدا من أعرق وأبرز الأحداث الاقتصادية في العالم (الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين)، وجمَع شبابا من مختلف دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع شخصيات دولية فاعلة في المجتمع المالي الدولي وصناعة القرار الاقتصادي في واشنطن.
خمسة من “قادة الغد” جاؤوا من بلدان المغرب وتونس والأردن وموريتانيا واليمن، ليحظَوْا بفرصة طيلة ساعة كاملة، جنبا إلى جنب في المنصة نفسها مع كريستالينا جورجييفا، مديرة صندوق النقد الدولي؛ فيما أدار النقاش وسيّر مجرياته جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي.
“حوار مع قادة الغد.. مستقبل النمو الشامل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، تحت هذا العنوان التأم وانتظَم سياق الحديث خلال هذه الجلسة النقاشية الشبابية حول قضايا العمل/البطالة بالأساس وتدارس سبل توفيرها في دول هرمُها السكاني شبابيّ بامتياز.
بالمناسبة، أكد جهاد أزعور، المسؤول بـ”IMF” ، أن المنطقة العربية و”مينا” زاخرتانِ بشبابها، مضيفا في نبرة “شبه يقين” أن ذلك يسمح لها بأن تذهَب في اتجاه رفع نموها العام اقتصاديا واجتماعيا شريطة توفير فرص متكافئة وعادلة للولوج إلى سوق العمل؛ خاصة بالنسبة للإناث.
أما كريستالينا جورجيفا، فقد وصفت “المستقبل” أمام شباب “مينا” بـ”الأكثر إشراقا”، داعية الشباب إلى “تحديده ورسم معالمه منذ الآن”، قبل أن تتفاعل معهم مطولا كل على حدة حول “العقبات التي يواجهونها وكيف يمكن للقادة منهم تخطيها”.
وأكدت المسؤولة المالية العالمية أن “خلق بيئة لفرص الشباب ونموه من طرف صانعي السياسات في مختلف الدول هو رسالة أساسية نبعثُها بوضوح عبر انعقاد هذا الحوار الغني مع قادة الغد في عالم يتجه بسرعة نحو هاوية الشيخوخة”.
واعتبرت أن “الشباب في إفريقيا ومنطقة ‘مينا’ قوة دافعة للمستقبل”، مشددة على حتمية “مساهمة هذه الفئة في ديناميات العمل والنمو المنتِج للقيمة المضافة”.
من جهتها، قالت غالية ضمك، رائدة الأعمال التونسية، “إن عدم الوصول إلى التمويل واللوائح المعقدة من بين القضايا التي أدت إلى هجرة الأدمغة في العالم العربي”، مسجلة في أسف أنها “عقبة رئيسية تواجهها بلادها (تونس)”. وتابعت بأن “الجيل الحالي كبُرَ في جو رقمي مع اتساع شبكة الإنترنيت وتطورها المتسارع”.
صوت المغرب لم يغِب عن فعاليات اللقاء ونقاشاته ممثلا في طه نامري، وهو شاب مغربي يبلغ من العمر 22 عاما، طالب باحث في تخصص الاقتصاد والتدبير- أهمية معالجة عدم المساواة وإزالة الحواجز التي تحول دون مشاركة المرأة في سوق العمل. وفقا لأبحاث صندوق النقد الدولي، فإن تقليص الفجوة بين الجنسين في الأسواق الناشئة بنسبة 50 في المائة من شأنه أن يخلق تريليون دولار من الإنتاج.
أعضاء حلقة النقاش ناقشوا، أيضا، “أهمية وضع السياسات القائمة على البيانات وكيفية معالجتها”، مسجلين أن “الشفافية والحوار الاجتماعي أمران حاسمان لضمان نجاح السياسات”، موصين بأن “تكون استراتيجيات القيادات الشابة لنظرائهم الشباب “ملموسة وشاملة ومدعومة بالبيانات”.
وفي تصريح لوسائل الإعلام عقب نهاية جلسة النقاش المذكورة، قال جهاد أزعور إن “موضوع الجلسة وحوار القادة الشباب مع مديرة الصندوق يعد أحدَ المحاور الأساسية لبرنامج الاجتماعات السنوية بمراكش التي ننفتح فيها على تحديات المستقبل، خاصة فرص العمل لدى الشباب ورفع مشاركة المرأة في ديناميات الاقتصاد المنتِج”.
وتابع موضحا بأن “مشاركة المرأة في الاقتصاد ورفع كفاءة الشباب في منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا من شأنه أين يرفع من مقدور اقتصادات دولهم، ويخلق انتعاشا اقتصاديا”، خاتما بأن “سلسلة التشاور واللقاءات ستستمر طيلة هذا الأسبوع مع صانعي الرأي والسياسات في الدول الأعضاء للخروج بأمور عملية لفائدة صناع المستقبل”.
المصدر: وكالات