صادقت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ البرازيلي على اتفاقية التعاون القضائي في المادة المدنية الموقعة بين المملكة المغربية والبرازيل في الـ18 شتنبر من عام 2013، مع إحالتها إلى التصويت في جلسة عامة.
وتنص هذه الاتفاقية، التي وافق عليه المغرب منذ غشت من سنة 2014 بصدور الظهير الشريف رقم 1.14.153 بتنفيذ القانون رقم 124.13 الموافق بموجبه على اتفاقية التعاون القضائي سالفة الذكر، على تبادل المعلومات المتعلقة بالتشريع والاجتهاد القضائي بين السلطات المركزية للبلدين وكذا تسهيل عملية التقاضي مع تمكين المتقاضين من نظام المساعدة القضائية، إضافة إلى تسهيل عملية تبليغ الأوراق القضائية وغير القضائية.
كما نصت مقتضيات الاتفاقية على تسهيل عملية الاعتراف المتبادل بالمقررات التحكيمية والأحكام القضائية وتنفيذها. وعلاوة على ذلك، تضمنت الوثيقة مقتضيات خاصة تتعلق بحماية القاصرين وإعفاء العقود المبرمة فوق تراب إحدى الدولتين من التصديق في الدولة الأخرى.
السيناتور البرازيلي فرناردو دويري صرح لوكالة الأنباء العربية البرازيلية بالقول إن “هذه الاتفاقية من شأنها أن تعجل من سرعة الإجراءات وأن تعزز العلاقة بين السلطات القضائية في كلا البلدين”، مشددا على أنه “من شأن هذه الوثيقة أن توسع الشراكة بين البلدان لتشمل مجالات أخرى، كما أنها تضمن تعزيز العلاقات الدبلوماسية الجيدة بين الرباط وبرازيليا”.
عبد العزيز خليل، خبير قانوني، قال إنه “تبعا لمبدأ إقليمية القوانين الذي يعني أن تطبيق القاعدة القانونية لا يتجاوز الحيز الجغرافي للدولة، ومع وجود أشخاص طبيعيين أو معنويين قد يكونون موضوع متابعة أو ارتكبوا أفعالا جرمية في دولة ما ويوجدون في دولة أخرى، تظهر الحاجة إلى هذا النوع من الاتفاقيات التي تعزز التعاون القضائي بين الدول”.
وأضاف خليل أن “مثل هذه الاتفاقيات تشكل أرضية قانونية لمحاربة الجريمة بمختلف أنواعها سواء ضد الأشخاص أو ضد الدولة، خاصة أن المتابعين من طرف سلطات أية دولة والموجودين خارج نفوذها الترابي يكونون في الغالب موضوع متابعات بتهم تتعلق أساسا بالمس بأمن الدولة”.
وخلص الخبير القانوني عينه، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “وصول المغرب والبرازيل إلى هذا المستوى من التعاون يبرز أن الدولتين بلغتا مراحل جد متقدمة في علاقاتهما الثنائية. كما يعكس رغبتهما المشتركة في تعزيز آليات التعاون لمواجهة الجريمة الدولية التي ما فتئت تتطور تبعا للتطور التكنولوجي الذي لحق المجتمعات البشرية، إضافة إلى مواجهة ظاهرة الإفلات من العقاب”.
من جهته، قال إدريس قسيم، باحث في العلاقات الدولية، إن “تصديق لجنة الخارجية بمجلس الشيوخ البرازيلي على هذه الاتفاقية يعكس المسار التصاعدي الذي اتخذه التعاون بين الرباط وبرازيليا منذ زيارة الملك محمد السادس للبرازيل سنة 2004”.
وأضاف قسيم أن “العلاقات المغربية البرازيلية تعد نموذجا حقيقيا للعلاقات السياسية والاقتصادية التي تحدت الجغرافيا وتغلبت عليها؛ ذلك أن البلدين قد استطاعا، على الرغم من البعد الجغرافي بينهما، أن يؤسسا لمنظومة متكاملة من العلاقات القوية التي لم تتأثر بالتحولات والتقلبات السياسية خاصة تلك التي حدثت في البرازيل وتعاقب العديد من الرؤساء على حكم هذا البلد”.
وأوضح المتحدث لهسبرس أن “تعزيز التعاون مع البرازيل يندرج في إطار ركائز التوجه الاستراتيجي الجديد للدبلوماسية المغربية الرامية إلى البحث عن مجالات أوسع لتعزيز الانتشار الجيو-سياسي وتكثيف شبكة العلاقات الدولية للمغرب”.
وخلص الباحث في العلاقات الدولية إلى أن “التعاون في المجالين القانوني والقضائي من شأنه أن يحقق تقاربا أكثر عمقا بين البلدين وأن يفتح المجال أمام مستوى جديد من التعاون، خاصة فيما يتعلق بمحاربة الجريمة العابرة للحدود”، لافتا إلى أن “الفضاء الأطلسي، الذي يوجد البلدان على ضفتيه، يعتبر من المجالات البحرية التي تعرف نشاطا مكثفا على مستوى الجريمة العابرة للحدود، والتي لا يمكن مواجهتها إلا من خلال تنسيق دولي بين دول لها تجارب في هذا المجال”.
المصدر: وكالات