قال سيد بن بيلا الفردي، ممثل تنسيقية الحركات الوطنية الأزوادية، إن “اعتراف الأزواد بمغربية الصحراء سيكون مشروطا بدعم المغرب لقضيتنا”.
وأضاف القيادي الأزوادي، في الحوار الذي أجرته معه جريدة هسبريس الإلكترونية، أن اتفاق الجزائر لسنة 2015 فشل بشكل تام، وأن حكومة مالي هي السبب في ذلك.
وأشار إلى أن “محاولاتنا طلب الدعم المغربي لا تزال متواصلة، ومؤخرا حاولنا مناشدة العاهل المغربي للتدخل لوقف عمليات الإبادة التي تمارس في حقنا”.
وأكد ابن بيلا، الذي يستقر في الوقت الحالي بموريتانيا، أن “الروابط التاريخية بين المغرب والأزواد عميقة للغاية، لكنها تواجه النسيان”.
هذا نص الحوار كاملا:
بداية كيف يرى الأزواد الأزمة الحالية بين المجلس العسكري في مالي والحكومة الجزائرية؟
نحن نعتقد أن النظام العسكري في باماكو هو الذي افتعل هاته الأزمة لأسباب لم تتضح بعد، كما أن نقطة الاحتجاج غير مبررة، فهم احتجوا على الجزائر لأنها استقبلت أطرافا من الاتفاق الموقع سنة 2015، باعتبارها الدولة التي تتحمل تبعات هذا الاتفاق. ومن الطبيعي أن حصول أي عرقلة في الاتفاق يلزم إعادة المشاورات مع الأطراف المتنازعة، فأين الغلط في ذلك؟ هنالك شيء غامض بين النظامين العسكريين في مالي والجزائر، ونحن إلى حدود الساعة لا نعرف ما هو، على اعتبار أن الاحتجاج على اجتماعات تمت مع أطراف موقعة على الاتفاق غير منطقي.
هل ترون أن الخطوة الجزائرية هي فعلا تدخّل في سيادة الماليين، بمن فيهم الأزواد والمجلس العسكري؟
أعيد القول بأن البيان الذي تم إصداره من قبل وزير الخارجية المالية، والذي عرف استدعاء سفير الجزائر، غير منطقي، على اعتبار أن نظام الجزائر هو الذي يشرف على اتفاقية 2015، التي نحن طرف فيها إلى جانب النظام الحاكم في باماكو، مما يعني أن استدعاء أحد هاته الأطراف أو الحديث حتى معه لا يتطلب تشاورا مع أحد منها، غير أنني شخصيا لا أدافع عن الجزائر ولا عن مالي، وأؤكد أننا نعتبر أنفسنا عشبا تحت صراع دامٍ بين فيلين عملاقين، ونحن المتضررون وليس مالي أو الجزائر، فالتفجيرات والهجمات تحدث في أرضنا، وكل هذا بتعاون بين حكومة مالي وروسيا وتركيا والنيجر وبوركينافاسو، وآخر الضحايا عقيد بارز في صفنا قتل على يد مسيرة تركية، وكل هاته التحركات خرق لاتفاق 2015.
هل ترون أن الجزائر تحاول إعادة اسمها في الملف بعد سقوط اتفاق 2015، وأن هذا الاتفاق ساهم في الأزمة أم العكس؟
الاتفاق فشل تماما، لكن دعونا نبحث عن السبب في ذلك، هل نحن أم الماليون؟ بشهادة التقارير الدولية، حكومة مالي هي التي أفشلت هذا الاتفاق، وتعيق تنفيذ بنوده، والاتفاق 99 بالمائة منه في صالح نظام مالي، ورغم ذلك هم من يفشلونه وليس نحن. فمنذ الستينيات إلى الآن جل الاتفاقيات التي وقعناها مع نظام مالي أفشلها هذا النظام بشهادة كل المراقبين في الساحة، مما يجعلنا الطرف الأضعف، وجل القوى العالمية والإقليمية، أبرزها المغرب، تفضل التعامل مع نظام مالي وليس معنا.
هنالك حديث كثير داخل الأزواد عن ضرورة تدخل الوساطة المغربية، هل ترون ذلك حلا للأزمة؟
نحن منذ الغزو الفرنسي لتومبوكتو أرسلنا علماء وفقهاء إلى المغرب يطلبون الدعم والمساندة، وعندما تأزم الوضع الميداني في الستينيات جاء الشيخ محمد علي الأنصاري إلى المغرب لطلب الدعم، وفي ثورة التسعينيات ذهب وفد أيضا لطلب الدعم المغربي، وفي 2012 عندما حررنا بعض الأراضي أرسلنا وفودا إلى المغرب نطلب الدعم، ونفس الحال بالنسبة للجزائر وموريتانيا، باعتبار هذا الثلاثي يشكل صديقنا الحقيقي، لكننا مستاؤون من غياب هذا الدعم إلى حدود اللحظة، ولو حتى إدانة للمذابح التي تحصل في صفوفنا، فعوض إقرار مواقف قوية لصالح غزة، أليس الأزواد أقرب منكم من فلسطين؟.
هل تلقيتم، في هذا الصدد، اتصالات من الطرف المغربي بعد محاولاتكم المتعددة لطلب الدعم منه؟
تواصلنا معه بشكل مكثف، ونواصل إلى حدود الساعة ذلك، لكن دون نتائج، ومؤخرا كانت هناك نداءات مباشرة حاولنا إيصالها إلى العاهل المغربي محمد السادس، لكننا فشلنا في تلك المهمة لأننا لم نجد طريقة نوصل بها نداءنا إليه. وفي الوقت الحالي نواصل انتظار المغرب الصديق لدعمنا، فهو بلد شقيق بملكه وشعبه العظيم، وله امتداد تاريخي لنا، كما أننا نوجه نداءات مماثلة إلى موريتانيا والجزائر لأن هؤلاء الثلاثة، كما سبق لي أن ذكرت، هم أصدقاؤنا الوحيدون في مواجهة حرب دامية مع الروس والأتراك، وليس كما يعتقد البعض مع الجيش المالي فقط، فالمسيرات الحربية تحلق حاليا فوق الرضع والأطفال الأزواديين.
سبق لكم أن تحدثتم عن وجود روابط تاريخية بين المغرب والأزواد، هل ما زال هذا الشعب يؤمن بذلك في ظل المتغيرات الحالية؟
هاته الروابط لا تخفى على أحد، ولا تحتاج تدقيقا تاريخيا، وإلى حدود الساعة هي موجودة وقائمة، وأنا ما زلت أؤكدها، ولكن دعني أكون واقعيا، هل هذا الأمر أصبح يجذب المغاربة؟ الأزواد في هذا الوقت متشوقون لكي يروا صوتا مغربيا يتطرق إلى هاته الروابط القوية.
(مقاطعا) الحركة الأمازيغية المغربية قد تكون ذلك الصوت ربما.
نعم هذا أمر مهم، ونحن نشكر الإخوان المغاربة الأمازيغ على موقفهم المشرف، وعلى جميع مجهوداتهم للتعريف بهاته القضية المنسية، وهو ما لاحظناه أيضا في عاصمة باريس، لكن هذا جانب مدني، فنحن نريد صوتا رسميا في المغرب يعيد إحياء هاته الروابط من جديد، هذا هو قصدي. هذا المعطى التاريخي يعود إلى وقت طويل، فمنطقة شمال إفريقيا كانت موحدة قبل مجيء الاستعمار الذي فرق كل شيء، مما جعل العصر الحالي يبتعد عن هاته المؤشرات التاريخية، وأصبح يبسط قضية الأزواد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وينسى أن منطقة محاميد الغزلان في المغرب بها لوحة تحتوي على المسافة بينها وبين تومبوكتو، ونفس الحال في طاطا وكلميم، وما أؤكده في هذا الصدد هو أن قضية الأزواد لدى المغاربة تم تناسيها، وبقيت محفوظة فقط لدى بعض الأساتذة في التاريخ ولدى الجسم المدني، علما أن الكتب التي تتحدث عن هاته الروابط هي بأعداد لا تحصى. وخلاصة، هذا الأمر لا ينطبق فقط على المغرب، بل على كل الشعوب المجاورة التي لها روابط تاريخية معنا.
في الساحل وتحديدا حول مسألة التواجد الأجنبي، كيف تقيمون الدور الروسي والتركي حاليا بعد انسحاب “المينوسوما”؟، وهل ترون أن أطرافا إقليمية تساهم في تعاظم نفوذه؟
هو صراع حاليا بين الأقوياء في المنطقة والعالم حول الموارد الباطنية، من بترول وذهب ونحاس ويورانيوم، إذ يعتبرون المنطقة حديقة خلفية، ويعتبروننا بدائيين، كما يرون مالي غير مفيدة، لكننا في الشمال مفيدون بالنسبة لهم من خلال الموارد الطبيعية الموجودة، مما يوضح بشكل مباشر الحرب الجارية في الوقت الحالي، التي تلعب فيها روسيا وتركيا دورا مهما في تأجيجها، كما أنها أيضا صراع واضح بين الغرب والشرق، ونعتبر أنفسنا ضحايا لهذا الصراع في منطقة كانت تاريخيا حديقة خلفية لفرنسا، التي رمتنا في حضن أشخاص لا يعرفون قيمتنا، مما يعني بشكل عام أن هذا الصراع يتفاقم بقوة في ظل المستجدات الأخيرة، خاصة من خلال دخول مرتزقة “فاغنر”، الذين لا يملكون أي قيمة أخلاقية تحد من وحشيتهم، فهم يعرفون فقط الحرب ولا شيء غير القتل، وهذا الأمر يجب أن يكون ضمن أولويات المغرب والجزائر وموريتانيا، وليس الحرب في غزة، فنحن أقرب إليكم.
كما أؤكد أنني لا أملك دليلا على تورط جهة إقليمية في تعاظم التواجد التركي وكذا الروسي في المنطقة، لذا لا أستطيع اتهام أحد، غير أنني أؤكد أن القوى العالمية تتصارع ضدنا، وحتى القوات التي انسحبت من “المينوسوما” أهدت السلاح لحكومة مالي ضدنا حينما كانت تغادر، رغم تعارض ذلك مع القانون الأممي.
وماذا عن فرنسا؟ هل انتهى تأثيرها بعد الإعلان رسميا عن تنفيذ انسحابها العسكري من مالي؟
مشكلتنا مع فرنسا، وهي فعلا تراجعت بقوة في الساحل، كانت في الستينيات عندما قسمتنا ووضعتنا في مالي، وعند قدوم الجيش الفرنسي سنة 2013 كان له هدفان، الأول توحيد مالي، والثاني محاربة الإرهاب. وفي هذا الصدد لم تعتبرنا فرنسا ضمن الأهداف الإرهابية، باعتبارنا نحمل مطالب سياسية. صحيح أنها طلبت منا ضمانات كأن “نحارب التنظيمات الإسلامية إلى جانبها”، وهو ما رفضناه لأننا اشترطنا اعترافها بنا وبمطالبنا في مراجعة التقسيم الاستعماري للستينيات، وكنا حينها مستعدين لخوض الحرب ضد الإرهاب في حالة تلبية طلبنا، لكننا لا نريد أن نكون وسيلة في يدها، ثم بعد أن تنهي أهدافها تذهب إلى الحكومة المالية، التي يجب على الجميع أن يعرف أن سبب خلافها الحاد مع باريس هو امتعاضها من عدم اعتبار فرنسا الأزواد إرهابيين.
في هذا الشق المتعلق بالحرب ضد الإرهاب، ماذا عن الأخبار التي تشير إلى علاقتكم بتنظيم “القاعدة” الإسلامي؟
هذا أمر غير صحيح بالمرة. تنظيم “القاعدة” يعتبرنا عدوه اللدود، وما قتل من شعبنا على يده لم يقتله الفرنسيون ولا الماليون، وهاته الادعاءات التي أطلقت ضدنا ليس لها أي دليل أو برهان لأن تنظيم “القاعدة” يكرهنا، ويعتبرنا كفرة بالله، مما يؤكد غياب أي علاقة بيننا، فهم يريد بسط دولة إسلامية، ونحن نريد إقليم للأزواد فقط.
في الختام، من خلال دعم بعض الحركات المغربية على غرار الحركة الأمازيغية، هل سيكون هذا دافعا لكم لتدعموا مغربية الصحراء؟
حتى أكون واضحا، إذا كنا سندعم المغرب في صحرائه فنحن نريد في المقابل اعترافا منه بقضيتنا، وحتى لو كنا سندعم تنظيم “البوليساريو” المسلح فنحن نريد في المقابل اعترافا من الجزائر، وهكذا، فهذه هي السياسة. إنها منطق المصالح، ولا يمكننا إطلاق مواقف بناء على مؤشرات مدنية فقط، فنحن نريد موقفا رسميا.
المصدر: وكالات