قضت المحكمة الدستورية بإلغاء انتخاب كل من محمد فضيلي، رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب وعضو الفريق الحركي، ويونس أشن، عضو الفريق الاشتراكي، في الاقتراع الجزئي الذي أجري في 29 شتنبر 2022 بالدائرة الانتخابية المحلية “الدريوش” (إقليم الدريوش)، والذي أعلن على إثره انتخابهما عضوين بمجلس النواب. كما أمرت بإجراء اقتراع جزئي لملء المقعدين اللذين كانا يشغلانهما به طبقا لأحكام المادة الـ91 من القانون التنظيمي المتعلق بالغرفة الأولى.
واعتبرت المحكمة أن الاقتراع سار على نحو مخالف للقانون، أثر على شفافية وصدقية هذه العملية الانتخابية ولم يضمن التعبير السليم عن إرادة الناخبين؛ وهو ما يبعث على عدم الاطمئنان لما أسفرت عنه نتائجها وتعين معه إلغاء انتخاب محمد فضيلي ويونس أشن عضوين بمجلس النواب.
واستندت المحكمة في إلغاء انتخاب المعنيين إلى قضية رائجة أمام القضاء، يتابع في شأنها 11 شخصا بتهم المس بنزاهة الانتخابات والتوسط في تقديم هدايا لإفساد الانتخابات.
وسردت المحكمة الدستورية مجموعة من الاختلالات التي عرفتها الانتخابات؛ من بينها أن ممثل أحد لوائح الترشيح بمكتب التصويت رقم 13 (جماعة امهاجر) تمت مساومته من قبل أحد الأشخاص المشتكى بهم، بالوعد بتسليم مبلغ مالي من أجل تسهيل تصويت نساء ببطاقات وطنية للتعريف لناخبات غائبات لفائدة المطعون في انتخابه الأول، وأن الممثل المذكور تظاهر بقبول العرض وتسلم لهذا الغرض مبلغا ماليا وضعه لاحقا رهن إشارة الضابطة القضائية لأغراض البحث، ثم تعرض الممثل المعني، بعد ذلك، للتهديد من قبل مناصري وابن المطعون في انتخابه الأول، وأنه غادر مكتب التصويت قبل انتهاء الاقتراع ولم يحضر عملية فرز الأصوات وإحصائها، وأن الضابطة القضائية تمكنت من تحديد هوية رئيس مكتب التصويت وهو يظهر، أثناء الاقتراع، خارج مكتب التصويت بمعية المشتكى به المعني، والذي أقر أيضا بأنه ليس مسجلا كناخب بالمكتب رقم 13 (جماعة امهاجر)، وأن النيابة العامة أوضحت، خلال المحاكمة، أنه فر من مكان الاقتراع عند حضور عناصر الدرك الملكي.
كما أشارت المحكمة الدستورية أن عضوين من أعضاء المكتب صرحا لدى الضابطة القضائية بأنهما لا يعرفان القراءة والكتابة، مما يكونان معه غير مستوفيين لشرط معرفة القراءة والكتابة للعضوية بالمكتب المذكور، طبقا للفقرة الثانية من المادة 74 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب التي تنص بصفة خاصة على أنه: “يساعد رئيس مكتب التصويت ثلاثة أعضاء يتم تعيينهم… وفق الكيفيات والشروط المشار إليها” في الفقرة الأولى من هذه المادة، ومنها علاقة بالحالة المعروضة، إحسان القراءة والكتابة..
كما أن رئيس مكتب التصويت صرح، لدى الضابطة القضائية، بأنه كان يتحقق شخصيا من هوية الناخبين، في مخالفة للبنود 1 و2 و3 من الفقرة الأولى من المادة 77 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، التي تنص على أنه “يسلم الناخب، عند دخوله قاعة التصويت، إلى كاتب مكتب التصويت بطاقته الوطنية للتعريف”، وعلى أنه “يعلن الكاتب بصوت مسموع الاسم الكامل والرقم الترتيبي للناخب”، وعلى أنه “يأمر الرئيس بالتحقق من وجود اسم الناخب في لائحة الناخبين ومن هويته”.
وتبين للمحكمة الدستورية أن 17 شخصا من المقيدين باللائحة الانتخابية لهذا المكتب سجلوا على أنهم أدلوا بأصواتهم، والحال أن التنقيط المجرى من قبل الضابطة القضائية على الناظم الآلي للإدارة العامة للأمن الوطني أثبت أنهم كانوا متواجدين خارج أرض الوطن يوم الاقتراع. كما خلا محضر مكتب التصويت من أية ملاحظة تخص تصويت أي من الناخبين بالمكتب المذكور بالوكالة. كما أن ناخبا واحدا مقيدا باللائحة الانتخابية بهذا المكتب سجل أنه أدلى بصوته، والحال أنه كان متوفى في سنوات سابقة على تاريخ الاقتراع.
في السياق ذاته، أوضحت المحكمة أن عدد الإشارات الموضوعة أمام أسماء الناخبين بالمكتب المذكور هو 286، لا يطابق ما ضمن بمحضر مكتب التصويت من أن عدد المصوتين به هو 379، وأن نظير محضر مكتب التصويت خلا من أية إشارة بهذا الخصوص، في مخالفة للفقرة الثالثة من المادة 78 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
مكتب آخر عرف عددا من الاختلالات، حسب المحكمة الدستورية؛ ويتعلق الأمر بالمكتب رقم 27، حيث تبين أن أحد أعضائه أمي لا يعرف القراءة أو الكتابة في مخالفة للقانون. كما أن رئيس مكتب التصويت صرح بأنه كان يتولى بنفسه التحقق من هوية الناخبين، وبأنه كان يضع بنفسه علامة أمام الذين أدلوا بأصواتهم، في مخالفة للبنود 1 و2 و3 من الفقرة الأولى من المادة 77 المشار إليها، وللبند السابع من الفقرة نفسها الذي يسند مهمة وضع إشارة أمام اسم المصوت في طرة لائحة الناخبين إلى عضوي المكتب. كما أن رئيس المكتب المذكور أقر أيضا بأنه “أوكل”، “بموافقة باقي أعضاء المكتب”، لأحد ممثلي لوائح الترشيح المتواجدين بالمكتب وضع المداد غير القابل للمحو على أصابع الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم، في مخالفة للبند السابع من الفقرة الأولى من المادة 77 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، التي تسند، بصريح نصها، وضع العلامة بالمداد غير القابل للمحو بسرعة إلى رئيس مكتب التصويت، فضلا عما يترتب عن هذه المخالفة من مس بيّن بتكافؤ الفرص بين لوائح الترشيح، أثناء سير الاقتراع، وانحراف عن الحياد المتطلب من رئيس وأعضاء مكتب التصويت كافة.
ووقفت المحكمة الدستورية على تسجيل ناخبين مقيدين باللائحة الانتخابية بهذا المكتب سجلا أنهما أدليا بصوتهما، والحال أنه كانا متوفيين قبل تاريخ الاقتراع المذكور وأن أحد أعضاء المكتب أقر أثناء استنطاقه التفصيلي بأن شقيقه المتوفى سجل أنه أدلى بصوته وأنه “تعذر عليه اكتشاف ذلك”، وأن عضوا آخر به أقر أيضا بأن المتوفى المعني عمه، وعزا عدم تنبهه إلى تصويت شخص آخر بدله إلى “الضغط”.
كما تبين أن عدد الإشارات الموضوعة أمام أسماء الناخبين بالمكتب المذكور هو 411 لا يطابق ما ضمن بمحضر مكتب التصويت من أن عدد المصوتين به هو 448، في مخالفة للقانون .
المصدر: وكالات