أعلنت غانا على لسان رئيسها، نانا أكوفوآدو، نيتها إلغاء تأشيرات دخول البلاد بالنسبة لجميع الدول الإفريقية، وذلك بحلول نهاية العام الجاري، مشيرا إلى أن هذا القرار يأتي في إطار “تنفيذ ورش منطقة التبادل الحر الإفريقية التي تسعى من خلال دول القارة إلى تعزيز التبادل التجاري البيني”، مشددا في الوقت ذاته على أهمية هذا النوع من السياسيات في تطوير التبادل الاقتصادي وتسهيل حركية المواطنين الأفارقة، حسب ما أفادت به وسائل إعلام غانية.
وفي ما يخص العلاقات المغربية الغانية فقد شهدت تطورا كبيرا منذ عودة الرباط إلى الاتحاد الإفريقي في يناير من سنة 2017، إذ أجرى الملك محمد السادس مباشرة بعد ذلك زيارة رسمية إلى العاصمة أكرا، على رأس وفد رفيع المستوى، ليتمخض عن هذه الزيارة التاريخية توقيع 25 اتفاقية بين البلدين تهم مختلف المجالات والقطاعات، على غرار المجال الاستثماري والتعاون الفلاحي والصناعي والسياحة والنقل والطاقات المتجددة.
تفعيل للاتفاقيات وتشجيع للشركات
تفاعلا مع سؤال حول أهمية هذه الخطوة الغانية في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين الرباط وأكرا، قال بدر زاهر الأزرق، خبير اقتصادي، إن “غانا والمغرب ودول عديدة تقوم بجهود كبيرة من أجل رفع الحواجز السياحية والسياسية والجمركية والاقتصادية في ما بينها، وهي خطوات تصب في اتجاه تفعيل الاتفاقيات التي وقع عليها البلدان، وكذا تفعيل الاتفاقيات والتفاهمات الموقعة تحت مظلة الاتحاد الإفريقي، على غرار منطقة التبادل الحر الإفريقية التي ستمكن من إعادة ترسيم مسار العلاقات التجارية بين دول القارة”.
وأضاف الخبير الاقتصادي ذاته أن “المغرب سيكون من أوائل المستفيدين من نتائج هذا القرار الجديد الذي أعلن عنه الرئيس الغاني، وكذلك من تفعيل منطقة التجارة الحرة الإفريقية، بحكم الدينامية والحركية الاقتصادية والتجارية التي تميز العلاقات المغربية الغانية والإفريقية عموما، والتواجد المغربي الكبير في هذه القارة عن طريق الاستثمارات الكبرى التي أسست لها المملكة، خاصة في غرب إفريقيا”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “قرارات من هذا النوع ستكون لها انعكاسات إيجابية من خلال مضاعفة حجم المعاملات والحركية الاقتصادية، كما ستشجع الشركات المغربية على الانضمام إلى هذه الحركية، خاصة أن هناك توجها إفريقيا في السياسة الخارجية والاقتصادية المغربية يروم ربط البنى التحتية المغربية بنظيراتها الإفريقية والأوروبية”.
وأشار المحلل الاقتصادي ذاته إلى “تجربة الاتحاد الأوروبي في بداية تأسيسه، حيث كان تنقل المسافرين ورؤوس الأموال مسألة حيوية ضخت دماء الحياة في هذا التكتل الأوروبي”، مضيفا أن “الدول الإفريقية اليوم وعلى رأسها المغرب وغانا لديها إرادة حقيقية لخلق تكتل اقتصادي وتسهيل تدفقات الأشخاص ورؤوس الأموال بما ينعكس إيجابا على تحقيق نهضة تنموية إفريقية، بالنظر إلى المقدرات الكبيرة التي تتمتع بها هذه القارة”.
وخلص الخبير نفسه إلى أن “هذه الخطوة الغانية ستشجع المزيد من الدول على الالتحاق بهذا الركب، إذ إن رفع الحواجز السياسية والاقتصادية وتعزيز البنيات التحتية أضحى من بين الأهداف ذات البعد الإستراتيجي التي تروم رفع حجم التبادل التجاري البيني والاستثمارات البينية بين الدول الإفريقية”، مشيرا إلى أن “هذه الأخيرة يمكنها استلهام التجربة المغربية على مستوى البنى التحية والربط الجوي والبحري، علما أن الملك محمدا السادس أعلن مؤخرا استعداد المغرب لتقديم المساعدة لهذه الدول”.
فتح للأسواق وتنمية للمبادلات
من جانبه، أوضح زكريا فيرانو، محلل اقتصادي، أن “إنشاء منطقة التبادل الحر الإفريقية كان من الضروريات والأولويات بالنسبة لجميع دول القارة، ذلك أن التبادل التجاري هو الوسيلة الوحيدة للارتقاء بالناتج الداخلي الخام لهذه الدول ومبادلاتها البينية”، مردفا: “اليوم نحن نتحدث عن أكثر من مليار و259 مليون نسمة سوف يستفيدون من هذا التبادل، وعن دول يحقق ناتجها المحلي أرقاما مهمة”.
وأضاف فيرانو في تصريح لهسبريس أن “فتح الأسواق الإفريقية أمام التبادلات الحرة يؤسس لاندماج اقتصادي خاصة بين الدول ذات الإمكانيات التصديرية المهمة”، مشيرا إلى أن “تفعيل منطقة التبادل الحر كان يتطلب مجموعة من الدعائم الأساسية، أولها إقرار حرية التنقل للأشخاص والبضائع ورؤوس الأموال، وربط البنيات التحتية للدول الإفريقية”، ومذكرا في هذا الإطار بالمبادرة الأطلسية التي أعلن عنها الملك محمد السادس، وتصب في مصلحة تحقيق هذا الهدف.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “غانا من خلال قرارها حذف التأشيرات على مواطني الدول الإفريقية فإنها تمهد الطريق لاتخاذ باقي الدول خطوات مشابهة”، مشددا على أن “مثل هذه المبادرات، أضف إليها المبادرات التي أطلقها المغرب في السنوات الأخيرة، هي الكفيلة بتسريع التكامل الاقتصادي بين الدول الإفريقية؛ وقد نتحدث مستقبلا عن اتحاد إفريقي جديد وعملة إفريقية موحدة”.
وخلص المحلل عينه إلى أن “هذه الخطوات التي تروم تفعيل منطقة التبادل الحر هي مهمة جدا، وستستفيد منها جميع الدول، سواء المصدرة أو تلك التي مازالت تعتمد بينتها الاقتصادية على الاستيراد، وبالتالي خلق اندماج اقتصادي خالق للثروة يدمج الجميع ويحد من الفوارق المجالية ما بين دول القارة”.
المصدر: وكالات