مرة أخرى يفشل المنتخب المغربي الأول لكرة القدم في طرد “نحس ملازم” للتأهل إلى أدوار متقدمة في كأس إفريقيا للأمم، بينما تعود أبرز مشاركة راسخة تألق فيها “أسود الأطلس” خلال العقدين الماضيين إلى نهائي “كان تونس 2004” أمام منتخب البلد المنظم.
وبينما سارع الناخب الوطني، وليد الركراكي، إلى الإقرار بـ”تحمّله مسؤولية خروج المنتخب الوطني المغربي من دور ثمن نهائي كأس إفريقيا أمام جنوب إفريقيا”، قائلا في تصريحات صحافية بعد المباراة: “هذا إخفاقُ مدرب، ارتكبنا العديد من الأخطاء، وكان ينقصنا الصبر في بناء اللعب”.
كما حملت تصريحات الركراكي، الذي سبق أن أوصل “الأسود” إلى المربع الذهبي لـ”مونديال قطر 2022″، نبرة اعتذار غير خافية إلى الجماهير المغربية عن “خيبة الأمل في مواصلة المشوار في المسابقة الإفريقية”، مشيرا أن “أسود الأطلس” “سيتعلّمون من هذا الإخفاق غير المتوقع”، حسب تعبيره.
خيبة الأمل هذه التي رانت على قلوب ووجدان كل المشجعين المغاربة، ليل الثلاثاء–الأربعاء، تسائل، بقوة، “تواتر الفشل ولعنة الإقصاء” في أغلى كأس إفريقية في منافسات كرة القدم القارية، غابت عن خزائن المملكة المغربية منذ الإنجاز التاريخي لعام 1976 فوق الأراضي الإثيوبية. كما تطرح آفاق ومستوى المنتخب الوطني الذي سيلعب الكأس القادمة في “كان 2025” على أرضه وأمام جماهيره.
“نقد ذاتي” لا بد منه
تعليقا على الموضوع، قال إدريس عبيس، إطار وطني مغربي خريج معهد تكوين أطر الشبيبة والرياضة، إن “الخروج من بداية الدور الثاني في هذا النوع من المسابقات يجب ألا يصير تقليداً متوارثاً نَستكين إلى القبول به”، بل المطلوب “تحليل موضوعي ومؤسساتي للمعطيات المتوفرة، وذلك بشكل مسؤول قد يَستتْبِعه محاسبة وربطها بالمسؤولية”.
وفي إفادات تحليلية لجريدة هسبريس الإلكترونية، دعا الإطار الوطني إلى تبني “نقد ذاتي مبني على مختبر علمي للأبحاث في كرة القدم المغربية ومسارها خلال السنوات الأخيرة، خاصة فترة ما بعد إنجاز المونديال التي تستدعي توقفا دقيقاً سواء من النواحي الفنية التقنية أو مؤشرات الأداء المحددة بعيدا عن العاطفة”.
ورأى عبيس في “كان كوت ديفوار” فرصة من أجل “إعطاء درس للاعبين المغاربة، خاصة بالنسبة للمشاركين في منافساتها لأول مرة، حول مدى تقدم كرة القدم الإفريقية وتطورها المتسارع الهائل في السنين القليلة الأخيرة من الجوانب الذهنية والبدنية والتقنية”، مشيرا إلى “عدم صحة المقارنة بين من يمارس كرة القدم في دوريات أوروبية أو أجنبية واللاعب المحلي، نظرا لانتفاء الظروف واختلاف توفرها”.
“قابلية تجويد بعد الإخفاق”
الخبير في الرياضة الوطنية سجل أن “المدرب وليد الركراكي وفريق العمل والطواقم العاملة معه في المنتخب الأول عليهم أن يتوفروا على الاستعداد بالنسبة إلى قابلية تجويد الإخفاق بعد ما حدث في نهائيات الكان الحالي”، مع ضرورة استحضارهم أن “يأخذوا على عاتقهم أن الضغط سيكون مُضاعَفًا حين تنظيم كأس إفريقيا للأمم في المغرب المرتقبة في العام 2025”.
وتابع بأن “الجلسة التي سيعقدها مسؤولو لجنة المنتخبات الوطنية بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مع المدرب والطاقم التقني والبدني ستكون حاسمة في تحديد مستقبل المنتخب وبناء صورته القادمة، شريطة تحلي الجميع بـالجرأة في تحديد المسؤولية والذهاب إلى أصل المشكل ومعالجته”.
ودعا الإطار الوطني إلى “الاجتهاد في تدابير معطيات الجانب البدني في المنافسات القارية بالأدغال الإفريقية” مثلما حصل في كأس العالم التي نجح خلالها المنتخب الوطني في هذا الرهان، “إلا أن التساؤل يظل حول المفاتيح الممكنة من اللاعبين وقدراتهم وجاهزيتهم، ويبقى وليد الركراكي صاحب القرار في هذا الصدد”، وفق تعبيره.
ضرورة التخلص من “الدوغمائية”؟
من جانبه، قال هشام رمرم، محلل رياضي، إن “وليد الركراكي كناخب وطني حاز الثناء في إنجازات المونديال، كان ضحية أفكاره ونوع من الدوغمائية التي ظل حبيسًا لها خلال كأس الأمم الإفريقية بساحل العاج”.
وأضاف رمرم، في تصريح لهسبريس، أن “الإقصاء سيخرج الطاقم التقني للمنتخب من قوقعة النجاح في كأس العالم” ليرى بوضوح واقع المنافسات في أجواء الكرة بإفريقيا جنوب الصحراء، معتبرا أن “الدوغمائية وعدم النقد الذاتي خطأ جسيم في هذا الصدد”.
ولفت المحلل الرياضي المغربي إلى أن “تنظيم بلادنا نهائيات كأس إفريقيا في سنة 2025 سيكون لها جو آخر، بظروف أخرى وجب الاستعداد لها جيدا من أجل التأقلم مع اللعب في إفريقيا”، داعيا إلى “بناء اختيارات اللاعبين على عنصر الجاهزية والتنافسية”، قبل أن يتساءل عن مدى صحة المسلَّمة القائلة بأن اللاعب المكوَّن في أوروبا يمكنه بالفعل أن يؤدي جيدا ويصلُح في منافسات إفريقيا جنوب الصحراء، ما يستدعي “إخضاع اختيار المشاركين لعدد من الضوابط الصارمة والدقيقة”.
وخلص رمرم إلى أهمية “دعم الجامعة لمسار الاستقرار والاستمرارية في الطواقم التقنية والبدنية للمنتخب المغربي في الظرفية الحالية، شريطة إجراء تقييمات دقيقة مسؤولة تعكس فاعلية النقد الذاتي”.
المصدر: وكالات