في أجواء مفعمة بالمحبة والتآزر نظّمت جمعية التضامن والإسعاف الاجتماعي بوزان، الأربعاء، مائدة إفطار جماعي لفائدة نزلاء ونزيلات مركز الإيواء، بحضور عدد من الشركاء والفعاليات المدنية المحلية، في خطوة تعكس روح التكافل الاجتماعي وتعزز قيم التضامن الإنساني خلال الشهر الفضيل.
وفي هذا الصدد قال يوسف رحموني، عن الهيئة سالفة الذكر، إن “جذور هذه الجمعية تعود إلى أيام الحجر الصحي خلال أزمة كوفيد-19، إذ انطلقت كمبادرة عفوية يقودها مجموعة من الفاعلين الاجتماعيين لتقديم الدعم للأسر المعوزة، عبر توفير الغذاء والأدوية والرعاية الطبية، ومع مرور الوقت توسعت أنشطتها لتشمل رعاية الأشخاص في وضعية الشارع، ما دفعها إلى التحول إلى إطار جمعوي منظم يضم كفاءات طبية وتربوية وجمعوية”.
وأضاف رحموني لهسبريس أنه “بفضل هذه الجهود، وبتعاون مع عمالة وزان، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإدارة التعاون الوطني، تم إنشاء وتجهيز مركز إيواء وإدماج المشردين، وفق معايير قانونية واجتماعية تضمن الكرامة والرعاية اللازمة لهذه الفئة الهشة”، وزاد: “عززت الجمعية عملها بتكوين فرق من المتطوعين الشباب لضمان استمرارية خدمات الإسعاف الاجتماعي، في تجربة تعتبر الأولى من نوعها على صعيد الإقليم”.
وأورد المصدر عينه أن “المسيرة لم تكن سهلة، فقد واجه المشروع تحديات كبرى، سواء على مستوى التمويل أو توفير الموارد البشرية، خاصة أن خدمات المركز تُقدَّم على مدار الساعة”، مؤكدا أنه “رغم هذه الإكراهات نجحت الجمعية في تحقيق تقدم ملحوظ، إذ حصلت مؤخرا على رخصة التعاون الوطني لعام 2025، بعد زيارة خاصة قامت بها وزيرة القطاع والمدير العام للتعاون الوطني، اللذين أشادا بالبنية التحتية والخدمات المقدمة بالمركز”.
ولا يقتصر عمل الجمعية على إيواء الأشخاص في وضعية صعبة، بل تعدّاه إلى تنظيم حملات طبية، ومبادرات إسعاف لضحايا زلزال الحوز، ودوريات ليلية مع السلطات المختصة خلال فصل الشتاء، فضلًا عن التكوين المهني للمشردين، وتمدرس أبنائهم، والمواكبة النفسية والاجتماعية والتربوية.
وشدد الفاعل الجمعوي ذاته على أن “مركز الإيواء يستقبل حاليًا 40 مستفيدا، بينهم أمهات عازبات وأطفالهن، ومسنون مصابون بأمراض مزمنة، وحالات نفسية واجتماعية معقدة، وسط جهود حثيثة لتوسيع خدماته”، مشيرا إلى إبرام المركز اتفاقية شراكة مع جماعة وزان، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتعاون الوطني، “تهدف إلى تعزيز بنيته التحتية وتنويع خدماته، إلا أن تنفيذها مازال معلقًا بانتظار دعم مجلس الجهة”.
وتتطلع الجمعية، وفق رحموني، إلى “مساهمة المجالس المنتخبة وكافة الفاعلين ذوي الحس الإنساني، لضمان استدامة المشروع وتوسيعه ليشمل محاربة الإدمان وإعادة الإدماج الاجتماعي، بتنسيق مع الخبراء والجمعيات الشريكة؛ كما تطمح إلى الحصول على صفة المنفعة العامة والإحسان العمومي، بما يعزز دورها في الشراكة بين المجتمع المدني والدولة الاجتماعية”.
ومن بين التوصيات التي نادى بها التنظيم الجمعوي ذكر المتحدث ذاته “إحداث مرصد محلي للعمل الاجتماعي، يجمع مختلف الجمعيات النشيطة بوزان، تحت إشراف السلطات المختصة، بهدف تنسيق الجهود، وتطوير خطط تدخل فئوية للأشخاص في وضعية هشاشة، وفق مقاربات علمية ومؤشرات موضوعية”.
يشار إلى أن الإفطار الجماعي يبقى أكثر من مجرد وجبة رمضانية، فهو تأكيد على أن العمل الاجتماعي لا يرتبط بزمان أو مكان، بل هو التزام دائم بمساندة الفئات الهشة، وإعادة الأمل لمن هم في أمسّ الحاجة إليه، لتتجسد هذه القيم على أرض الواقع، في مبادرات عملية تشكّل نموذجا يُحتذى به في مقاربة الإدماج الاجتماعي والتنمية التشاركية.
المصدر: وكالات