أجمع مسؤولون مغاربة على أن الانتقال الرقمي الذي يوفره الإطلاق الرسمي للاستراتيجية الوطنية للمغرب الرقمي 2030، الذي تم أمس الأربعاء بالرباط، من شأنه تفعيل مقومات الحكومة الرقمية وضمان تموقع أفضل للمغرب على المستوى العالمي، بما يمكن أيضا المواطن المغربي من الحصول على خدمات عمومية ذات جودة ومردودية انطلاقا من ما تتيحه التقنية دون الحاجة إلى كثرة التنقلات نحو الإدارة.
“فلاحة ذكية”
محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أثار أهمية الرقمية في تأهيل وعصرنة القطاع الفلاحي وتقوية وتعزيز أدواره، وذكر بأن مجال الزراعة، خصوصا الذكية، “صار يستدمجُ إمكانات الرقمية ليس فقط في المغرب، بل على المستوى العالمي.
ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) تشير إلى أنه بحلول عام 2050، ستكون التقنيات الجديدة والإنترنت بمثابة مزود لزيادة الإنتاجية الزراعية بنسبة 70 في المائة”.
وقال صديقي، متحدثا ضمن محور “استراتيجية رقمنة الخدمات العمومية”: “أننا بصدد عصر جديد سيلمس المزارعين أيضا”، موضحا أن “من 20 إلى 50 في المائة من نسبة ارتفاع الدخل ستكون انطلاقاً من استخدام الوسائل الرقمية، بما في ذلك داخل المغرب”. وزاد: “استراتيجية الجيل الأخضر تنطلق أساسا من خلال التركيز على العنصر البشري وتشتغل على الاستدامة وفق معادلة بسيطة وصعبة في الوقت نفسه، أي إننا سنحرص على إنتاج أكبر لكن بجودة أفضل وموارد أقل وباستنزاف أدنى للموارد الطبيعية”.
وأورد المسؤول الحكومي أن “الحل لهذه المعادلة لا يمكن أن يتوفر إلا من خلال الابتكار والتكنولوجيات الحديثة، لا سيما الرقمنة”، متمسكا بالأخيرة كمساعد للقطاع الفلاحي وغيره للمضي قدماً في هذا المجال. وقال: “لهذه الغاية ومنذ إطلاق برنامج الجيل الأخضر، شرعنا في إدخال مقومات التقنية ضمن الشق الإعدادي، أي البعد المرتبط بالإدارة وتدبير الميدان، والخدمات المقدمة للفاعلين في المجال الفلاحي، أي المزارعين على اختلاف انتماءاتهم وإمكاناتهم”.
وتحدث الوزير عن دور هذا التوجه في الحرص على تتبع خصوبة الأراضي وتدبير الصفقات العمومية، خالصا إلى أن “السؤال الذي كان مطروحا هو تبني رؤية شاملة تنسحب لكل هذه المعطيات حتى لا نستثني أيا منها وتنضوي كلها تحت الرقمنة، (…) وقد انخرطت مؤسسات جامعية، خصوصا معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، لتواكب هذه المستجدات في الشأن التكويني الجامعي”.
“معطيات محمية”
اختار عمر السغروشني، رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، أن يعالج الموضوع من زاوية تخصصه، مثمنا احترام الاستراتيجية لهذا الأمر من خلال بذل جهود كبيرة تمنى أن تتواصل، معتبرا أن الجواب على مجمل الإشكاليات المرتبطة بالمرور إلى الحكومة الرقمية يتعلق بجملة واحدة، هي أن “العيش في عوالم الرقمنة غير ممكن من دون استنشاق حماية المعطيات الشخصية”.
وقال السغروشني ضمن مداخلته إن “الجميع يدعم كل السياسات الرقمية كيفما كانت؛ لأننا نعتبر أن أي سياسة رقمية لا يمكن أن تنجح إلا في محيط تطغى فيه الثقة على غيرها”، مسجلا أن “العديد من الفاعلين يشتغلون على خلق رهان الثقة في الرقمية على المستوى الوطني، ونحن بدورنا نواكب المسؤولين في مختلف القطاعات ونشرح لهم أهمية احترام الحياة الشخصية للأفراد، وأيضا نواكب ونوعي المواطنين إزاء أهمية هذه الاستراتيجيات وإزاء أهمية حياتهم الشخصية”.
“إدارة أسهل”
محمد الإدريسي الملياني، المدير العام لوكالة التنمية الرقمية، أفاد بأنه “في الوقت الراهن يبدو أن العالم برمته يشهد نهضة رقمية غير مسبوقة. والمغرب، تحت الرعاية الملكية، تبنى رؤية للتحول الرقمي توجت بهذه الاستراتيجية [المغرب الرقمي 2030]”، مسجلا أن الوكالة الوطنية للتنمية الرقمية باعتبارها فاعلا في هذا المجال، انخرطت بقوة في تأهيل هذه الرؤية الاستراتيجية الطموحة.
وبخصوص دور الوكالة في ما يتعلق بالحكومة الرقمية، سجل المدير العام لوكالة التنمية الرقمية أن الأساسي هو الحرص على جعل الإدارة أو المرفق العمومي سهل الولوج لفائدة المرتفقين، وذلك من خلال تبني مقاربات ترتكز على المواطن، سواء كان شخصا ذاتيا أو اعتباريا، مضيفا أن “هذه المقاربة تنتصب على منهجية القرب من أجل تيسير ولوج المرتفقين إلى المرفق العمومي. وإذن، نحن نحاول تبيان المسار الإداري الذي لا يتطلب من المواطن الانتقال بين العديد من الإدارات”.
وشدد الملياني على أن الرهان هو تحويل “هذا المسار الذي يقوم على التنقلات المتكررة إلى مسار سهل يتيح للمواطن الارتفاق من دون تنقل للحصول على الوثائق التي يرغب فيها وقضاء المصالح التي يتطلع إليها”، معتبرا أن “دورنا يقوم على تنسيق الجهود وأيضا بين المتدخلين وتوحيد الرؤى، من خلال التعاطي مع مختلف المتدخلين لتجويد مردودية الإدارات العمومية”.
المصدر: وكالات