الإثنين 16 شتنبر 2024 – 03:43
صدر، حديثا عن دار النشر مرايا، كتاب “العلاج بالسرد.. من الفهم إلى التطبيق”، حاول من خلاله مؤلفاه شكير فيلالة ووداد سعيد إضاءة مجموعة من الأفكار التي يتمحور حولها هذا الأسلوب العلاجي، لفهم كيف يعالج العلاج بالسرد الأشخاص من معاناتهم مع ضائقة نفسية عابرة أو مزمنة؛ عبر اعتماده على القصص التي يحكونها عن مشاكلهم في قالب سردي.
ووفق معطيات بشأن الإصدار، فإن هذه المشكلات التي تحمل معها حقائق معيارية يتبناها هؤلاء الأشخاص في سياق التفاعل الاجتماعي، في إطار البناء المؤسساتي الاعتيادي للحقائق في الواقع؛ وهو ما يقيدهم ويحد من مرونة الفعل لديهم، ويجعلهم حبيسي مشكلات هي في الواقع خارجة عن ذاتهم ومبنية مسبقا من نسق اللغة واستخداماتها ونسق السلطة والخطاب؛ ذلك أن هذه الأنساق تؤطر سردهم لقصص مشكلاتهم، وبالتالي تشكل هويتهم السردية التي تحدد منظورهم لذاتهم وللآخرين.
وأفاد ملخص الكتاب بأن هذا العلاج يتكئ على مجموعة من الأفكار والمفاهيم، المرتكزة على الطروحات النظرية والأفكار الفلسفية لنظرية الثقافة الاجتماعية والبنائية الاجتماعية وما بعد الحداثة. وهذه المرتكزات الفكرية والأطر المرجعية والاستثمار المفاهيمي لها شكلت وصاغت أسلوب العلاج بالسرد، وشكلت منظوره للمعاناة النفسية، وحددت تعامله مع المشكلات من خلال إعمال مبدأ التعاون بين المعالج والشخص الذي يعاني. وانطلاقا من تلك الأفكار النظرية، صار العلاج بالسرد يؤمن بدور التفاعل الاجتماعي واللغة في بناء المعرفة والواقع، كنتاج للتفاعل الاجتماعي.
ويعتبر العلاج بالسرد، حسب الملخص ذاته، أن هذه البنيات المعطاة للمعرفة والواقع، المتشكلة من خلال نسق السلطة والخطاب واللغة تُقيِّدُ الهوية الذاتية، وتحدد سلوك الآخر وتتحكم فيه؛ وبالتالي تعتبر آثارها تأسيسية في تشكيل الحقائق. لذلك، فإنه في إطار الاستثمار المفاهيمي للفلسفات الآنفة الذكر نجده قد استثمر مفهوم الاختلاف والغائب الحاضر ضمنيا ومفهوم التفكيك، ومفهوم الصيرورة والاحتمالات والتعددية المشكلة للذات، والهوية السردية وإعادة تشكيلها.
وقاد هذا الفهم للمنطلقات الفكرية والاستثمار المفاهيمي لمجموع الأفكار الفلسفية والأساليب العلاجية مؤلفي الكتاب إلى استعراض وبسط بعض النماذج التطبيقية باستخدام بعض المشاهد والخرائط؛ من قبيل خريطة الاستثناء، ثم خريطة تخريج المشكلة المعروفة بخريطة بيان الموقف، وخريطة تفكيك القصة السائدة واستنتاجات الهوية. كما قدما مثالا عن الاشتغال بخريطة تحديد “الغائب والحاضر ضمنيا” في القصة المسرودة، وخريطة الشاهد الخارجي والمشهد العلائقي، الذي يشرك الشهود (الحاضرين أو الغائبين) في القصة السائدة والبديلة. وفي الأخير، استخدام خريطة القيم والنوايا وانفتاح منطقة الممكن، عبر مشهد القيم والنوايا (علاقة الذات بالذات).
المصدر: وكالات