الإثنين 7 أكتوبر 2024 – 07:29
قصد تفكيك ظاهرة الهجرة الدولية ومدى تفاعل المنظومة القانونية الوطنية، صدر عن منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، كتاب جديد بعنوان “ملاءمة النظام القانوني المغربي مع الالتزامات الدولية المتعلقة بحقوق العمال المهاجرين” للباحث عبد الصمد العباسي.
يتناول هذا الكتاب، الذي كان في الأصل أطروحة دكتوراه، بالدرس والتحليل تعامل المغرب مع ظاهرة الهجرة التي ازدادت وتيرتها في السنين الأخيرة، والتي شهدت تغيرات مهمة، حيث لم يعد المغرب مصدراً للمهاجرين أو محطة لعبورهم فقط، بل صار أرضاً للإقامة والعمل أمام أعداد متزايدة من المهاجرين النظاميين، القادمين سواء من محيطه الإفريقي الكلاسيكي أو من المنطقة العربية أو من باقي دول العالم.
ويحاول هذا الكتاب، وفق ورقة تقديمية، مساءلة مدى جاهزية المنظومة القانونية المغربية لتدبير ظاهرة الهجرة الدولية، من خلال مقاربة إشكالية مدى ملاءمة تلك المنظومة مع التزامات المغرب الدولية المتعلقة بحقوق العمال المهاجرين.
وللإجابة عن هذه الإشكالية، ينقسم الكتاب إلى قسمين رئيسيين: أولهما متعلق بالشق النظري المعياري للهجرة (حقوق العمال المهاجرين بالمغرب بين الالتزامات الدولية والملاءمة التشريعية)، والثاني متعلق بجانبها التنفيذي العملي (حقوق العمال المهاجرين بالمغرب من الملاءمة التشريعية إلى التنفيذ).
ومن مميزات هذا المؤلف تتبع روافد التشريع الدولي المتعلق بالهجرة، لكونها مصدر التزام الدول في مجال تدبير شؤون العمال المهاجرين الوافدين، وبين المنشأ الحقوقي لتلك القواعد والالتزامات في الصكوك الحقوقية ذات الطابع العام، حيث يحضر العامل المهاجر بوصفه الإنساني الخالص، يستفيد من كل حقوق الإنسان باعتباره واحداً من بني البشر، قبل أن تحدد الدول الوطنية الحديثة جنسيته أو انتماءه الثقافي أو الحضاري. ثم في الصكوك الدولية المخصصة حصراً لشؤون العمال المهاجرين، مثل اتفاقية حماية جميع العمال وأفراد أسرهم لسنة 1990 وبعض اتفاقيات منظمة العمل الدولية.
ويسلط العباسي الضوء على مقاربة مدى تمثل التشريعات الوطنية لهذه الالتزامات، حيث تم تتبع مختلف النصوص القانونية التي تنظم وضعية العمال المهاجرين في المغرب، كالدستور والتشريعات ذات الصلة بالموضوع مثل مدونة الشغل، ومدى ملاءمتها للحقوق الواردة في الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب. وقد فصّل العديد من الحقوق والحريات وكيفية ممارستها من طرف العمال المهاجرين في المغرب، مثل المساواة وعدم التمييز، خاصة في مجال عقود العمل، وحرية التعبير، والتجمع العائلي، وتأسيس الجمعيات، والحرية النقابية، وممارسة بعض المهن الحرة والتجارة، والحقوق المرتبطة بالضمان الاجتماعي والتغطية الصحية.
وخلص الكتاب إلى نتائج واقتراحات عدة ترمي إلى تجويد النصوص القانونية المغربية ذات الصلة بالعمال المهاجرين، وتحسين الأداء الإداري التنفيذي للنصوص التشريعية في هذا الموضوع، في أفق تحقيق الملاءمة المنشودة مع القواعد الدولية. وقد اعتمد البحث هذه القواعد كأحد الأدوات المعرفية والمنهجية في دراسة تفاعل التشريعات المغربية مع نظيرتها الدولية الخاصة بالعمالة المهاجرة. كما حدد بعض التدخلات التشريعية والإدارية التي تقتضيها الملاءمة المنصوص عليها دستورياً، من بينها إلغاء التشريعات المناقضة للالتزامات الدولية، ورفع التحفظات الجوهرية التي تفرغ تلك الالتزامات من مضمونها، ثم إقرار نصوص تشريعية جديدة لسد الفراغ المسجل في هذا الموضوع، والتبني القانوني الكامل للالتزام الدولي أفقياً وعمودياً.
المصدر: وكالات