الخميس 3 غشت 2023 – 10:49
صدر للدكتور إدريس الكنبوري كتاب جديد يحمل عنوان “الإصلاح الديني وتغريب الإسلام”، عن دار النفائس في بيروت، يعالج فيه المؤلف قضية الإصلاح الديني وعلاقتها بالواقع العربي والإسلامي، وبالسياسات الغربية ومشاريع تدجين الإسلام.
يتكون الكتاب من عشرة فصول، تعرض فيها المؤلف لعدد من القضايا الراهنة المطروحة في سياق النقاش حول الإصلاح الديني في الإسلام، وارتباط تلك القضايا بالتاريخ العربي والإسلامي الحديث منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية ودخول الاستعمار ونشأة الاستشراق الأوروبي، حيث يرى الكاتب أن مشروع الإصلاح الديني في الإسلام هو واحد من أقدم المشاريع التي طرحت في العصر الحديث، وليس جديدا كما قد يوحي النقاش الجاري اليوم، إذ يعود إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
ويرى الكنبوري أن عملية الإصلاح والتجديد هي من صلب الإسلام وليست غريبة عنه، خلافا للديانات الأخرى، لأن اعتراف القرآن الكريم والسنة النبوية بالاجتهاد في الشريعة أكبر دليل على أن الشريعة الإسلامية تخضع للتجديد المستمر لمواكبة حاجيات الناس في كل عصر، فالإصلاح-كما يقول الكاتب-جزء من “بنية النص الديني” في الإسلام، على عكس من يصفه بالجمود وعدم التطور.
وفي كتابه الجديد يناقش الكنبوري قضية الفشل الذي حصل لمشروع الإصلاح الديني في الإسلام قبل قرن من الزمن، ويحاول أن يجد تفسيرا لهذه الظاهرة، فيرى أن هذا الفشل يعود إلى عوامل عدة، من بينها الاستبداد السياسي والهيمنة الغربية والحملات الاستعمارية، ويقدم تفسيرا جديدا مفاده أن التيار العلماني في العالم العربي، الذي كان يتشكل خاصة من المثقفين المسيحيين العرب، لعب دورا أساسيا في محاربة مشروع الإصلاح الديني بتحالفه مع الغرب، حيث كانت هناك أطروحتان متقابلتان؛ أطروحة المصلحين المسلمين وأطروحة المثقفين المسيحيين العلمانيين في مصر والشام التي كانت تنادي بالارتباط مع الغرب ورفض الدين كهوية للمجتمعات العربية، وهو ما أدى إلى نشأة القومية العربية التي تزعم المسيحيون العرب الدعوة إليها في البداية، مما تسبب في فشل مشروع الإصلاح الديني.
وفي مناقشة العلاقة بين الإصلاح في الإسلام والإصلاح البروتستانتي في المسيحية، يرى الكنبوري أن البروتستانتية لم تكن حركة إصلاحية داخل المسيحية، بل كانت فرقة مسيحية جديدة بين فرق متعددة ظهرت في التاريخ، وأنها لم تأت بشيء جديد يخالف الكاثوليكية، بل كانت صورة معدلة عنها، مقدما أمثلة على هذا التقارب بين الطائفتين، كما كشف الكنبوري أن المبادئ التي نادت بها البروتستانتية هي نفسها المبادئ التي دعا إليها الإسلام، موضحا جوانب تأثرها بالإسلام وتعرف مارتن لوثر على القرآن.
ويورد الكتاب أن مشروع الإصلاح الديني قبل قرن كان مشروعا شموليا يربط بين الإصلاح الديني والإصلاح السياسي، بينما خطاب الإصلاح الديني اليوم يفصل بين الإصلاحين، لأن هذا الخطاب لم ينشأ كحالة داخلية كما كان الأمر مع الإصلاح الديني السابق، بل نشأ مع رغبة الغرب في تطبيع الإسلام والمسلمين مع النظام العالمي وشبكة القيم الغربية، ويدعو إلى إحياء أفكار الجيل الأول للمصلحين التي لم تستنفد أغراضها بعد قرن، ليصبح الإصلاح الديني المنشود إصلاحا شاملا للدين والدولة.
المصدر: وكالات