“تَرسخٌ للنهج الانتقائي للدول الكبرى في التعامل مع أوضاع حقوق الإنسان”، رصده الجمع العام الوطني لمنظمة العفو الدولية بالمغرب، الذي سجل ما يعرفه المشهد العالمي من “الكيل بمكيالين، سواء في الرد على الانتهاكات أو تسييس استخدام المواثيق الدولية والمؤسسات الأممية كالمحكمة الجنائية الدولية”، وتقديم الولايات المتحدة الأمريكية “النموذج السيء في تطبيق سياسة المعايير المزدوجة بشكل ممنهج”؛
بل و”اتضحت صورة هذه السياسة باختيار الولايات المتحدة تقديم الدعم المالي والعسكري والتقني بدون حدود أو شروط لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي، إلى درجة المشاركة المباشرة في ارتكاب ما يقع من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حق الفلسطينيين”.
وخرج الجمع العام لـ”أمنستي المغرب” بقرار “نهج استراتيجي جديد لتعزيز نمو العضوية وكسب التأييد”، مع “تطوير العمل مع الشركاء في المجتمع المدني والقطاعات الحكومية”، و”الاستمرار في إعطاء الأولوية لبرنامج التربية على حقوق الإنسان واستهداف مختلف الفئات المهنية والمجتمعية”؛ نظرا لـ”ارتفاع صعوبة مهمة المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان في التصدي للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالغة الصعوبة وأبعد ما تكون عن الاكتمال، خاصة أن التحديات الجديدة في مجال حقوق الإنسان آخذة في الظهور والتغطية على التحديات القديمة”.
وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال محمد السكتاوي، الكاتب العام لمنظمة العفو الدولية بالمغرب، إن السمة الأساسَ التي طبعت الجمع العام الثالث عشر لفرع المنظمة الدولية بالمغرب هي “أن الشباب أصبح في موقع القيادة على مستوى كل أجهزتها في الفرع المغربي”، وتابع: “نؤمن بشكل كبير بأن المرحلة تقتضي منح القيادة للشباب على كافة مستويات الشأن العام، في السياسة، وحقوق الإنسان والمجتمع المدني”.
وأضاف الحقوقي: “لا بد من تسجيل أن هذا الاجتماع جاء بعد 75 سنة من إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ونلاحظ تراجع العالم في صون حقوق الإنسان وما يهيمن عليه من الحروب والأزمات والأوبئة وعدم الاستقرار”، مشددا على أن “الكل يعرف أن الدول العظمى بتواطؤ مع الشركات العملاقة ما زالت تغلب المصالح الاقتصادية على حقوق الإنسان، ضد شعاراتها الخادعة والكاذبة، وما يحصل في غزة خير دليل على هذه السياسة التي تكيل بمكيالين”.
وواصل السكتاوي: “من ضمن أولوياتنا القضايا التي تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتضمنت الخطة التشغيلية للفرع في السنة والسنة المقبلة، أولوية حرية التعبير والفضاء المدني، والنتيجة المتوخاة من تحركاتنا المستقبلية إيجاد الطرق والأساليب الممكنة للنهوض بحرية الرأي والتعبير في المغرب والمنطقة، وضمان حق التجمع وتشكيل الجمعيات؛ فمجال الفضاء المدني وحرية التعبير يضيقان في المغرب ويوجد بالسجون معتقلون بسبب الرأي من الصحافة والمدونين. كما عرف المغرب حراكا اجتماعيا هو حراك شباب الريف الذين لا يزال بعضهم قابعا خلف القضبان”.
ثم استرسل قائلا: “الأولوية الثانية هي المساواة بين الجنسين وعدم التمييز، والبلد الآن بصدد مراجعة قانون الأسرة وأملنا أن يتضمن الإصلاح توسيع المساواة؛ لأننا لا نزال نعاني من عدم المساواة بين الجنسين”.
ومن بين ما تقبل على الترافع عنه المنظمة مغربيا، وفق السكتاوي، “الحق في الإجهاض بالنسبة للمرأة؛ انطلاقا من إدراكنا أن النساء لا يحظين بالحماية الكافية من الاغتصاب والعنف الأسري وعنف الشريك الحميم والتحرش الجنسي، مما قد يؤدي إلى الحمل غير المقصود أو غير المرغوب. وبعثنا مذكرة إلى رئيس الحكومة في هذا الصدد، لإخباره بأننا بصدد إصدار تقرير حول تأثير تجريم الإجهاض على الحقوق الإنسانية للمرأة في المغرب”.
وحول الأوضاع في فلسطين المحتلة والقصف الإسرائيلي المستمر على غزة، ذكر السكتاوي أنه “على هامش الجمع العام، نظم شباب أمنستي تحركا نضاليا رقميا للتضامن مع غزة، تحت شعار “أوقفوا العدوان أوقفوا الحرب””، علما أن “منظمة العفو الدولية منذ بداية أزمة غزة وهذا العدوان، أعطت كل تركيزها لما يحصل، عبر تقارير وتحركات وتنظيم تظاهرات عبر العالم والضغط على الأمم المتحدة”.
ثم أردف قائلا: “ندعو أولا إلى وقف إطلاق النار في غزة ووقف العدوان، وتحقيق العدالة للفلسطينيين بتقديم المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية إلى المحكمة الجنائية الدولية، ونوثق ونعد الملفات على هذا المستوى، وندعم الخطوة التي خرجت من دولة جنوب إفريقيا لطرح القضية على محكمة العدل الدولية، ولنا أيضا على مستوى (أمنستي) مشاريع نضالية طويلة الأمد، ونسعى قريبا إلى الدخول لغزة، لإنجاز العمل بالمراقبة والرصد من عين المكان”.
وأكد الكاتب العام لـ”أمنستي المغرب”، في تصريحه لهسبريس، أن “مسألة غزة الآن في الحقيقة تهز الضمير الإنساني، وتجعلنا في (منظمة العفو الدولية) ندعو من جديد إلى مراجعة منظومة الأمم المتحدة، وأساسا وضع حد لما يسمى (حق الفيتو)، الذي تتمتع به خمس دول؛ فهو ما جعل ما يحدث بغزة بمنأى عن العقاب، وبدل أن يحمي مجلسُ الأمن المواطنين والفلسطينيين مما يحصل من جرائم، يحمي الفيتو الأمريكي. ولهذا، ندعو، منذ زمن، إلى النظر من جديد في إصلاح الأمم المتحدة وهياكلها، حماية لحقوق الإنسان وللعدالة الدولية”.
المصدر: وكالات