جددت فيكتوريا نولاند، وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، على خلفية لقائها بسيتفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، دعم بلادها للمشاورات الأممية لـ”الدفع بالعملية السياسية بين الأطراف المعنية بهذا الملف دونما أي تأخير”.
ولفتت المسؤولة عينها، في منشور لها على حسابها بمنصة “إكس” (تويتر سابقا)، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ستظل وفية لمساعيها الرامية إلى إيجاد حل عادل ودائم للنزاع حول الصحراء المغربية، وهو الموقف الذي اعتبره متتبعون “استمرارا للموقف الأمريكي الداعم للمغرب”، مسجلين أن واشنطن في ظل التغيرات الإقليمية والدولية الحالية باتت مقتنعة بضرورة تصفية ملف الصحراء لصالح الرباط بما يخدم مصالحها القومية ومصالح شركائها.
متغيرات إقليمية وأمن قومي
سعيد بركنان، محلل سياسي، قال إن “تجديد الدعم الأمريكي الكلي من أجل التسريع بحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، باعتماد الحل السياسي الذي قدمه المغرب، والمتمثل في الحكم الذاتي؛ يمكن أن نربطه بالمتغيرات الأخيرة التي تعرفها الخريطة السياسية لمنطقة الساحل والصحراء، وكذا الأحداث التي تقع الآن في الشرق الأوسط”، موضحا أن “هذه المتغيرات بات من الأكيد معها أن بؤر التوترات والنزاعات المفتعلة التي كانت ورقة تعدل بها واشنطن توازناتها الأمنية في عديد من الأقاليم الدولية وتخدم أمنها الإستراتيجي أصبحت اليوم بؤرا حاضنة للإرهاب، ومنافذ لتوسيع التواجد الروسي وكذا الإيراني كمحور يهدد النفوذ الأمريكي وسيطرته على المناطق الجيو-إستراتيجية في العالم”.
وأضاف بركنان: “من هذه الزاوية لا ننسى أن مخيمات تندوف أصبحت بؤرة لصناعة الإرهاب واحتضانه بتمويل الجزائر وتدريب من إيران وحزب الله، وبعض الأطراف الأخرى التي ربطت غير ما مرة قضية الصحراء المغربية بقضايا أخرى على غرار القضية الفلسطينية”، مسجلا أن “التخطيط الإستراتيجي للأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية في إفريقيا والشرق الأوسط يقتضي الآن التسريع في إخراج هذه البؤر من المنطقة الرمادية، وحسم النزاعات فيها بالشكل الذي يضمن الاستقرار الإقليمي لشمال إفريقيا”.
وخلص المتحدث عينه في تصريح لهسبريس إلى أن “الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية للمغرب في تأييد مقترح الحكم الذاتي دليل واضح على أن المملكة هي الدولة الوحيدة إقليميا الذي يمكن أن تكون عامل استقرار أمني بحكم شراكاتها الأمنية مع واشنطن، وبحكم كونها أيضا من المساهمين في التحالف الدولي للقضاء على الإرهاب”.
موقف مستمر ووفاء بالالتزامات
من جهته، أورد البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع، أن “هذا الموقف استمرار للموقف الأمريكي الواضح والمباشر المُعترف بسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية، الذي جاء كنتيجة للعمل الكبير للدبلوماسية المغربية النشيطة المرتكزة على الثابت الوطني في الدفاع عن قضية الصحراء، والداعية إلى حل سياسي تفاوضي تحت السيادة المغربية”، مسجلا أن “المقترح المغربي شكل محل إعجاب وإشادة من قبل المجتمع الدولي والدوائر الدولية الفاعلة في هذا الملف، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول”.
ولفت المتحدث عينه إلى أن “الإدارة الأمريكية أصبحت على اقتناع تام بعدالة الموقف المغربي من هذا النزاع، وعلى دراية بجدية الجهود التي يبذلها المغرب من أجل توفير فرص السلام والأمن والتنمية في الأقاليم الجنوبية من خلال المجهودات السياسية والدبلوماسية الاستثنائية لتثبيت السيادة المغربية في المنطقة، سواء من خلال نهج دبلوماسية القنصليات أو من خلال الأوراش التنموية العملاقة التي ينفذها المغرب في هذه الأقاليم، في مقابل الانزلاقات التي تميز خطاب باقي الأطراف الفاعلة في الملف، والمهددة للأمن الإقليمي من خلال خدمة أجندات تقسيمية وتخريبية تهدد الاستقرار في شمال إفريقيا”.
وسجل البراق أنه “مع التغيرات الجيوسياسية العميقة المرتقب أن يعرفها الشرق الأوسط نتيجة الأحداث الأخيرة، وكذا تطورات الموقف في الساحل الإفريقي والصحراء الكبرى في خريطة التوازن السياسي العالمي، فإن واشنطن غير مستعدة للدخول في مواجهة جيوسياسية جديدة في شمال إفريقيا أو السماح بالمساس بالمغرب كواحة للأمن والاستقرار في محيط إقليمي متقلب، خاصة أن المملكة المغربية بمجهوداتها الذاتية استطاعت طوال عقود الحفاظ على الصحراء المغربية كأكثر الصحاري في العالم أمنا وسلاما”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “حقيقة بعض المواقف الإقليمية وعدم جدية باقي الأطراف في التوصل إلى حل سلمي في الأقاليم الجنوبية للمملكة أصبحت واضحة للعيان، وبالتالي فإن واشنطن من الأكيد أنها في سعيها إلى الحفاظ على التوازنات الدولية والوفاء بالتزاماتها تجاه الرباط ستعمل على الدفع نحو حل سلمي وسياسي بين مختلف الأطراف، للتوصل إلى تسوية سياسية سلمية تحت السيادة المغربية للملف، بعيدا عن محاولات بعض الأطراف خلق بؤرة توتر تخدم مصالحهم العسكرية والأمنية الضيقة”.
المصدر: وكالات