استعرض خبراء أكاديميون ومحللون سياسيون، ضمن فعاليات اليوم الأول من الدورة الـ21 لمنتدى الإعلام العربي في دبي، “آفاق مشهد النظام العالمي الراهن وفرص بزوغ نظام عالمي جديد، في ضوء التحولات الجيوسياسية الحالية التي قد يعتبرها البعض بداية لعودة العالم إلى نظام القطبية الثنائية أو عالم متعدد الأقطاب”.
وتوقع مشاركون في جلسة “هل نحن مقبلون على نظام عالمي جديد؟” استمرارية النظام العالمي الراهن الذي تقوده الولايات المتحدة وأوروبا لسنوات مقبلة في ظل استمرار نفوذها السياسي والاقتصادي الواسع واستحواذهما على الحصة الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فيما أشار آخرون إلى “بداية تشكل ملامح خريطة جديدة لنظام عالمي يلتقي فيه الشمال بالجنوب ويتزايد فيه دور التكتلات الاقتصادية”.
واتفق المشاركون في الجلسة التي أدارتها الإعلامية نوفر رمول، من “دبي للإعلام”، وجمعت كل من محمد الرميحي، أستاذ الاجتماع السياسي جامعة الكويت، وعبد العزيز الخميس، كاتب وباحث في شؤون السياسة العربية، وأحمد المسلماني، كاتب ورئيس مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية، وإياد أبو شقرا، كاتب في صحيفة الشرق الأوسط، على “أهمية الدور المؤثر الذي تلعبه كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في المشهد الاقتصاد العالمي الراهن، في ظل قيادة تغلب المصالح الوطنية على أية أجندات أخرى؛ من خلال الانفتاح على جميع القوى، والانضمام إلى التكتلات التي تحقق مصالحها الاقتصادية والتنموية”.
وفي مستهل حديثه، استبعد محمد الرميحي “بزوغ نظام عالمي جديد يكون بديلا عن النظام العالمي الراهن الذي تقوده الولايات المتحدة وأوروبا”، مشيرا إلى أن “هذا النظام ما زال هو الأكثر قوة والأكثر نفوذا وتأثيرا في المشهد العالمي، لأسباب عديدة أوجزها في قوة الاقتصاد الأمريكي الذي يشكل وحده ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي منذ أكثر من 35 عاما، فضلا عن امتلاك الولايات المتحدة لأكبر 5 شركات في العالم في مجال البحث والتطوير، والدور الكبير الذي لعبته الشركات الأمريكية خلال جائحة كوفيد-19 بإنتاج أكثر اللقاحات فعالية”.
وأضاف الرميحي أن “من بين أهم العوامل التي تؤكد استمرارية النظام العالمي الراهن ما تتمتع به كل من الولايات المتحدة والغرب من حريات غير متاحة لدى القوى الأخرى المنافسة”، لافتا إلى أن “الهجرة التي يشهدها العالم ما زالت تتجه نحو الغرب”.
واتفق عبد العزيز الخميس مع ما ذهب إليه الرميحي، مؤكدا أن “الولايات المتحدة لا تزال هي القطب الأوحد في النظام العالمي الراهن وستظل لسنوات مقبلة، على الرغم من الحديث عن بزوغ الصين كقوة اقتصادية عالمية”.
وتطرق عبد العزيز الخميس إلى الحديث عن التحولات الإقليمية واتجاه الدول الرئيسية في الشرق الأوسط، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، للتعاون مع القوى الجديدة مثل الصين، في السنوات الأخيرة، والذي قد يراه البعض تحولا في سياسات هذه الدول.
وقال الكاتب والباحث في شؤون السياسة العربية إن “هذا التوجه سالف الذكر لا يشير إطلاقا إلى استبدال نظام بنظام آخر، وإنما يأتي في سياق النضج السياسي والاقتصادي الذي بلغته المنطقة وقدرتها على اتخاذ قراراتها بناء على مصالحها وأهدافها الخاصة؛ من خلال الانفتاح على جميع القوى، في إطار من المصالح المشتركة والانفتاح، لكن لا تزال الهيمنة للولايات المتحدة في المقام الأول القطب العالمي الأكبر والأهم”.
وبدوره، أشار أحمد المسلماني إلى أن “العالم يتجه نحو نظام عالمي جديد يجمع بين الشمال والجنوب بعد التقاء الشرق والغرب في النظام الراهن، أو ما أطلق عليه ثنائية الشمال والجنوب”.
وفي هذا الصدد، أوضح رئيس مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية أن “حتمية التاريخ تشير إلى التقلب الدائم في موازين القوى؛ فمنذ نحو 200 عام وخلال الفترة من 1820 وحتى 1920 عاش العالم القرن البريطاني، ومنذ العام 1920 وحتى 2020 عاش العالم القرن الأمريكي؛ في حين ما زالت الصورة غير واضحة بشأن القرن المقبل من 2020 وحتى 2120″، متسائلا: “هل سنستمر في القرن الأمريكي، أم نحن بصدد نظام عالمي جديد تتقاسمه الولايات المتحدة ومعها أوروبا أو الصين ومعها روسيا؟”، مضيفا أن “فرص الصدام في هذا القرن تبقى أقوى بكثير من فرص السلام”.
ومن جهته، قال الكاتب إياد أبو شقرا إنه “على الرغم من أنه لا جدال في أن الولايات المتحدة ما زالت هي القوة العظمى في العالم سياسيا وعسكريا واقتصاديا وعلميا، وهي من تتصدر مشهد النظام العالمي الراهن؛ فإنه من المهم مراقبة كافة المؤشرات حول بدايات الوهن في المنظومة العالمية، وعلى رأسها الويات المتحدة”.
وفي هذا السياق، لفت أبو شقرا إلى أن “القوى والحضارات لا تنهار فجأة بل يدب فيها الوهن تدريجيا؛ والولايات المتحدة، اليوم، تبدو غير قادرة على مواجهة الصعود الصيني القوي في مجال التكنولوجيا والتقنيات الحديثة”.
المصدر: وكالات