تفاعل محمد الزهراوي، أستاذ الدراسات السياسية والدولية والدستورية بجامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة، مع النقاش الذي أثاره الإعلان عن المناقشة المرتقبة لأطروحة دكتوراه تحت عنوان “الأبعاد الاستراتيجية للعلاقات المغربية الإسرائيلية وتداعياتها على المستويين الداخلي والإقليمي”.
ومن المنتظر أن يناقش الطالب الباحث يوسف الهرسال هذه الأطروحة، السبت على مستوى كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالجديدة، أمام لجنةٍ تضم ثلة من الوجوه الأكاديمية المعروفة بالمملكة؛ بمن فيهم أحمد بوجداد ومحمد الغالي وعبد العزيز قراقي وسعيد خمري، إلى جانب عبد الرحيم المنار السليمي وسعيد شكاك.
ومن منطلقه عضوا بلجنة المناقشة، قال الزهراوي إنه “بمجرد الإعلان عن تاريخ مناقشة هذه الأطروحة، تعالت بعض الأصوات الرافضة بدعوى “التطبيع” أو “اختراق الجامعة”، وغيرها من الاتهامات والمقولات المضلّلة وإن كانت عن قصد أو غير قصد؛ وهي تعكس سوء فهم واضح من بعض الأطراف لمقتضيات وقواعد البحث العلمي، والتي تهدف إلى دراسة “ما هو كائن بالفعل”، لا الحديث عن “ما يجب أن يكون. وهنا يكمن الفرق بين النظرية الواقعية والنظرية المثالية في حقل العلاقات الدولية”.
وسجّل الجامعي ذاته، ضمن تدوينةٍ له، خمس ملاحظات رئيسية بشأن هذه الأطروحة، حيث أشار إلى أن “موضوعها يندرج ضمن البحث الأكاديمي الخالص في حقل العلوم السياسية والدولية، ويعتمد مقاربة علمية ومنهجية لتحليل وتفكيك علاقات قائمة بين دولتين، بعيدا عن أية نزعة تبريرية أو دعائية أو خلفيات إيديولوجية متجاوزة”.
واعتبر المتحدث أن “الخوض في مثل هذه الإشكاليات يتطلب تكوينا علميا، مع امتلاك الأدوات المعرفية في مجال الدراسات السياسية والدولية. والأمر يستوجب توظيف مناهج دقيقة، صياغة فرضيات، وتحليل معطيات وفق مقاربات موضوعية، بعيدا عن الانطباعات العاطفية أو المقولات الشعبية”.
أبعد من ذلك، شرح الأستاذ الجامعي عينه أن “دراسة العلاقات المغربية الإسرائيلية لا تعني بأي شكل من الأشكال تبرير “التطبيع” أو الدعوة إليه؛ فدور الجامعة هو تحليل ومناقشة مختلف الظواهر السياسية والاجتماعية والدولية مهما كانت حساسيتها”، موضحا أن “الطالب الباحث لم يتناول الموضوع صدفة، وإنما أنا الذي اقترحته سنة 2021 من باب معرفي صرفٍ لفهم وتفكيك هذه العلاقة”.
وتابع: “الطالبُ قدّم مشروعا واجتاز مباراة أمام لجنة علمية مختصة، واستغرق إعداد الأطروحة أكثر من أربع سنوات من العمل الجاد والمنهجي”، مفيدا بأن “ربط دراسة الظاهرة بقبولها أو رفضها شخصيا هو تبسيط مخل، فهل من يدرس الجريمة أو الفساد أو الانحراف أو المثلية أو المخدرات يوافق عليها؟ بالطبع، لا. ولو كان الأمر كذلك، لكان من المفترض إغلاق الجامعات والمدرجات والركون إلى الصمت والتجاهل، وهو ما لن يغيّر الواقع شيئا”.
ورأى المصدر ذاته في إصدار أحكام مسبقة على الأطروحة دون الاطلاع على مضمونها أو نتائجها العلمية “تعسّفا في التقييم ومصادرة لحرية البحث؛ فمثل هذا السلوك لا يعكس موقفا نقديا ناضجا، بل حكما متسرعا من الممكن أن يكون مرتبطا بنزعة انسانية أو قيمية مبررة؛ لكنها غير مقبولة لأنها توزع صكوك الغفران، وتقسم الناس الى أشرار وأخيار”.
مواصلا دفاعه عن الأطروحة موضوع الجدل، بيّن محمد الزهراوي أن هذه الأخيرة “تمثل بحثا أكاديميا يعالج العلاقات المغربية الإسرائيلية من منظور علمي وتحليلي وقانوني، وفق منهج موضوعي يهدف إلى الفهم والتفسير، لا إلى الترويج لأي موقف”.
وحثّ بالمناسبة على “استحضار التناقضات والاختلافات الأيديولوجية والقيمية وفق السقف الوطني؛ فالاتفاق الثلاثي الذي وقعه المغرب في دجنبر 2020، أو ما يعرف باستئناف العلاقات مع إسرائيل، يُعدّ خيارا استراتيجيا للدولة”، مبرزا أن “الدولة، بخلاف الأفراد، لا تبني قراراتها على العاطفة أو الأبعاد القيمية، بل على منطق المصلحة الوطنية العليا”.
المصدر: وكالات
