احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بعين الشق بالدار البيضاء، مناقشة أطروحة لنيل الدكتوراه تقدم بها الطالب الباحث اليملي المصطفى، تحت عنوان “الفن والسياسة والمثقف في كتابات الأديب المكسيكي أوكتافيو باث”، أشرف على تأطيرها الدكتور رشيد الأزهر ضمن “مختبر البحث حول المغرب والعالمين الإيبيري والإيبيروأمريكي” التابع لشعبة الدراسات الإسبانية بالكلية ذاتها.
تناولت الأطروحة بالدرس والتحليل تطور رؤية الفن والسياسة ودور المثقف في كتابات الأديب والشاعر المكسيكي أوكتافيو باث الحاصل على جائزة نوبل سنة 1990، الذي اشتهر بمؤلفه “متاهة العزلة” الذي تعرض بعمق لإشكالية الهوية بالمكسيك وأمريكا اللاتينية.
كما تدارست الأطروحة تطور الوعي السياسي للكاتب الذي عايش الثورتين المكسيكية والبولشيفية والحرب الأهلية الإسبانية، وكان من أشد المعارضين للأنظمة الاستبدادية في ظل الاتحاد السوفييتي، بحيث شكل قرار استقالته الجريء من منصبه كسفير لبلاده بالهند سنة 1968 بعد المجزرة التي تعرض لها طلبة محتجين في وسط العاصمة مكسيكو، سابقة في بلاده في وقت عصيب كانت تسود فيه الأنظمة العسكرية بالمنطقة، ودفعه للتفرغ لدوره النقدي كمثقف مستقل بعيدا عن أي وصاية حزبية أو رسمية أو أيديولوجية.
كما لامست الأطروحة تحاليل الأديب المكسيكي لتطور التيارات الشعرية في بلاده وأمريكا اللاتينية، والغرب عموما، مع رفض مطلق لما اعتبرت سيطرة الأيديولوجيات في القرن العشرين على إبداع الشعراء والمثقفين.
وفي جزء ثالت، تناول الباحث كتابات المفكر المكسيكي عن تطور التجربة السياسية في بلاده في القرن العشرين وانكساراتها وتحليله العميق لظاهرة الدولة الحديثة وتحذيره من خطورة الأنظمة الشمولية، وهو ما يحمل إلى دراسة مفهوم ودور المثقف في عالم أوكتافيو باث الذي خاض صراعا مريرا مع أجهزة الدولة والحزب الحاكم والأحزاب الشيوعية التي يتهمها بالسعي لتدجين المثقف وتحويله إلى بوق دعاية، ودافع باستماتة عن حريته واستقلاليته.
وقد عرف الكاتب أيضا بغزارة إنتاجه الشعري، مما جعله اسما شامخا في تاريخ الأدب المكتوب بالإسبانية إلى جانب عمالقة آخرين صنعوا مجد الأدب اللاتيني وحملوه إلى العالمية خلال حقبته الذهبية، كالروائي الكولومبي غارسيا ماركيز، صاحب رواية “مائة سنة من العزلة”، والفيلسوف الارجنتيني “خورخي لويس بورخيس”، والروائي المكسيكي كارلوس، والروائي البيروفي “ماريو فارغاس ليوسا، صاحب الرواية الشهيرة “المدينة والكلاب”، والشاعر الشيلي الأشهر بابلو نيرودا.
وبعد المناقشة، منحت اللجنة العلمية الطالب الباحث شهادة الدكتوراه بدرجة مشرف جدا مع التوصية بالنشر، علما أن الطالب اليملي المصطفى يشغل حاليا منصب سفير جامعة الدول العربية بألمانيا، بعد أن شغل مناصب دبلوماسية عدة، آخرها قنصل عام المملكة بخيرونا شمال إسبانيا.
حري بالذكر أن لجنة المناقشة ضمت كلا من الدكتور حسن بوتكى رئيسا ومقررا، والدكتور رشيد الأزهر مشرفا ومقررا، والدكتور سعيد بنعبد الواحد مقررا، والدكتورة رجاء داكر مقررة، والدكتور عبد الرحمان بلعياشي مقررا.
المصدر: وكالات