احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، مناقشة أطروحة دكتوراه للباحث عبد الإله الخضري بعنوان: “النظام الوطني للابتكار بالمغرب: تحليل من منظور مبادئ اقتصاد التعلم”.
وضمت لجنة المناقشة نخبة أكاديمية برئاسة الدكتور رؤوف رضوان، وإشراف الدكتور الطاهر منصف، وعضوية الأساتذة هشام صدوق، أمين ظافر، أمل معنينو، وعبد الحق الشعيبي.
تعريف الابتكار في السياق المغربي
ركزت الأطروحة على مفهوم “النظام الوطني للابتكار”، الذي ظهر في ثمانينيات القرن الماضي كمصطلح يعيد تعريف الابتكار من مقاربة ميكرو-اقتصادية تعتمد على ديناميات الشركات فقط، إلى رؤية ماكرو-اقتصادية شاملة.
وفي هذا السياق استند الباحث إلى إسهامات الاقتصادي السويدي لوندفال، الذي ميّز بين مقاربتين رئيسيتين: الأولى ضيقة تناسب الدول المتقدمة وتُركّز على نتائج البحث العلمي والابتكار التكنولوجي، والثانية موسعة تلائم الدول النامية كالمغرب، حيث يُفترض بناء نظام الابتكار من خلال تعزيز التعلم في مختلف أبعاده.
تحديات بنيوية وفرص ضائعة
استعرضت الدراسة سياسات المغرب منذ بداية الألفية الثالثة لبناء نظام ابتكاري وطني، كاشفة عن تحديات هيكلية عميقة، واختصرت هذه التحديات في ضعف جهود وفرص التعلم، إضافة إلى “خمول” في مسلسل التعلم داخل المؤسسات.
كما عرجت الأطروحة على تأثير الانقطاع السياسي بين الحكومات المتعاقبة، والانغلاق الإداري بين القطاعات الحكومية، ما يعيق تحقيق رؤية ابتكارية شاملة، منتقدة سياسة “المعالجة تحت التصرف السلبي”، التي أفادت مؤسسات معينة على المدى القصير، لكنها أعاقت التنافسية والابتكار في المدى البعيد.
مقارنة مع تجارب دولية ناجحة
قارن الباحث تجربة المغرب بتجارب دول نامية أخرى، كالصين وتركيا وماليزيا، نجحت في بناء أنظمة وطنية للابتكار عبر خطط إستراتيجية متكاملة.
ومثالا على ذلك أطلقت الصين برنامجا حكوميا لتحسين الأداء الإداري، فيما استفادت تركيا من نظام ابتكاري متناغم مع رؤية سياسية طويلة المدى، كما ركزت ماليزيا على الابتكار الاجتماعي وتعزيز التعليم.
نحو نموذج تنموي مبتكر
وخلص الباحث عبد الإله الخضري إلى أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب تتطلب نظاما وطنيا للابتكار يستند إلى مقاربة موسعة، كما أوصى بتعزيز التعلم المؤسساتي، وتوسيع الفرص، وتفعيل معايير الشفافية والاستحقاق.
ودعا الباحث ذاته إلى إصلاح شامل للنظام التعليمي والتشريعي، بما يضمن انسجام القوانين مع الواقع المغربي، والحد من استنزاف الكفاءات الوطنية.
ابتكار مؤسساتي لتحقيق التحول
أكد الباحث أن الابتكار لا يقتصر على التكنولوجيا، بل يشمل الإصلاح المؤسساتي وهياكل الحوكمة؛ ولتحقيق ذلك شدد على ضرورة إطلاق برامج شاملة لتحفيز المبادرات واستقطاب المواهب، واعتماد رؤى إستراتيجية طويلة الأمد.
ووفق الخضري فإن هذه الجهود كفيلة بتحقيق نموذج تنموي شامل ومستدام، يعيد تموضع المغرب كفاعل اقتصادي دينامي على المستوى الإقليمي والدولي.
المصدر: وكالات