شهدت كلية الحقوق بمراكش مناقشة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية تقدم بها الطالب الباحث الحسن بوحمو في موضوع “السياسات العمومية وسؤال الالتقائية في تدبير المجال الترابي بالمغرب.. بحث في مداخل التنمية الترابية”.
وحول موضوع الأطروحة أوضح الدكتور محمد بن طلحة الدكالي أن هذا البحث العلمي يندرج في إطار انفتاح وانخراط جامعة القاضي عياض في النقاش العمومي لإيجاد أجوبة علمية للإشكالات المجتمعية المرتبطة بالتنمية.
وأبرز أن سؤال الالتقائية كان محور العديد من التقارير الوطنية، آخرها تقرير النموذج التنموي، مشيرا إلى أن ذلك يؤكد الحضور البارز لهذه الإشكالية في مجموعة من الدراسات والوثائق المرجعية والوعي بضرورة تجاوز المقاربات السابقة ونهج مقاربات جديدة واعتبار التقائية السياسات العمومية من المداخل الأساسية للتنمية الترابية.
ومن أهم الخلاصات التي توصل إليها الباحث اعتبار أن المرجعية الدستورية والتشريعية المؤطرة لتدخل الفاعلين العموميين يمكن أن تؤسس لمقاربة تنموية جديدة في تعامل السياسات العمومية مع التنمية الترابية على مستوى اللاتركيز واللامركزية والتدبير المؤسساتي والحكامة وتوزيع الاختصاصات والموارد التي تستحضر التقائية السياسات العمومية، رغم بعض التهديدات التي لا تزال قائمة، بالإضافة إلى هيمنة السلطات المركزية من خلال تكريس أحادية النظر إلى المجال الترابي، الذي توجهه بسياساتها العمومية خارج أي تنسيق أو تشاور مسبق.
كما خلص إلى أن تحقيق التقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار تكامل الأدوار بين الجوانب السياسية والإدارية، أي كل ما يتعلق بأدوار السلطات المنتخبة ترابيا والسلطات المعينة ترابيا، وهو ما لن يتم واقعيا إلا إذا تم فتح حوار ثنائي، تفاعلي وتشاركي وتواصلي بين الطرفين من أجل بناء مقترحات لالتقائية السياسات العمومية الترابية على مستويي القاعدة والمحيط، قبل أن تنطلق في اتجاه المركز للتجاوب معها.
وأكد الباحث أن المداخل البشرية والمالية أبانت عن وجود نقص كبير في الكفاءات والمعارف الإدارية والمالية ذات الطابع التدبيري والتقني، مما يجعل الموارد البشرية المفترض فيها تنسيق المشاريع التنموية أو تنسيق موارد تمويلها تبقى عاجزة عن ذلك، نظرا لضعف مردوديتها الإنتاجية من جهة، ولضعف الاعتمادات التي توجه لتكوينها وتوعيتها من جهة أخرى.
وأبرز أن كل الآليات التي وضعت في سبيل دعم قدراتها تظل بدورها محصورة التفعيل وظيفيا وتقنيا، وهو ما يؤثر سلبا على أداء الدور التنسيقي والتواصلي والتعاوني بين مختلف الفاعلين، ويساهم مباشرة في نقص الانسجام والتنسيق، الذي يجب أن يساهم بدوره في التقائية السياسات العمومية الترابية.
وقد حاول الباحث تقريب المتتبع من أهمية الالتقائية في مسلسل بلورة السياسات العمومية في المجال الترابي للوصول إلى تدبير فعال يتأسس على التناسق والانسجام والتواصل والتناغم والتوافق بين مختلف الفاعلين الترابيين بغية تحقيق التنمية الترابية.
يشار إلى أن سؤال الالتقائية طغى على النقاش العمومي في السنوات الأخيرة، حيث كانت اللجنة الاستشارية للجهوية قد اقترحت مقاربة شمولية لإصلاح الإدارة اللاممركزة بهدف الوصول إلى ما أسمته “سياسات عمومية ذات بعد ترابي ومتناسقة القطاعات”. وفي السياق نفسه دعت المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة إلى ضرورة تعزيز آليات التخطيط الترابي في تناسق مع السياسات العامة للدولة في مجال إعداد التراب، والعمل على التقائية وتناسق برامج التنمية الجهوية فيما بينها ومع المخططات القطاعية.
كما رصد تقرير النموذج التنموي غياب تناسق عمودي بين الرؤية والسياسات العمومية المعلنة، وغياب الالتقاء الأفقي بين هذه السياسات، ووجود ضعف في ترتيب الأولويات، وقد اعتبر ذلك من معيقات وكوابح التنمية.
واشتغل الباحث على أطروحته في إطار مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات بالكلية نفسها، وأمام لجنة علمية ضمت الدكتور إدريس الكريني بصفته رئيسا، والدكتور محمد بن طلحة الدكالي بصفته مشرفا، إضافة إلى عضوية الدكاترة البشير المتاقي ومحمد العابدة وزين الدين الحبيب استاتي.
وبعد مناقشة الأطروحة قررت اللجنة التنويه بها، ومنح الطالب شهادة الدكتوراه بميزة حسن جدا، مع توصية بالنشر.
المصدر: وكالات