الثلاثاء 4 يونيو 2024 – 06:00
لم يكن اعتقال امرأة بآيت ملول، تنتحل صفة “طبيبة أسنان”، بحاجة إلى “بيان” أو “بلاغ” من تنظيمات الأطباء أو المهنيين في القطاع الصحي، بما أن هذا “المشكل” كان وفقهم تحديا مطروحاً على المهنة، وأشارت إليه سابقا جهات تنضوي تحت لواء مهنة الطب وحتى التمريض في وقت سابق، خصوصاً أن الفعاليّات الصّحية تعتبر أن الانتحال “لا يمكن إلا أن يكون مداناً”، فمن “الخطر على الصحة العامة أن يكون هناك طبيب ممارس بدون تكوين أكاديمي أو علمي”.
في هذا الصدد قال الطيب حمضي، نائب رئيس الفيدرالية الوطنية للصحة بالمغرب، إن “واقعة الاعتقال تكشف استمرار مشكلة الانتحال في المجال الصحي التي ظلت دائما تشكل تهديداً حقيقيّا لصحة الإنسان المغربي”، مشيرا إلى “وجود أشخاص بلا أي خلفية أكاديمية في جامعات متخصصة يقومون بتشخيص وفحص وعلاج وتتبّع ووصف أدوية للمرضى، بكل ما يشكله الأمر من مغامرة بصحة المريض الذي في أحيان كثيرة لا يكون مؤهلا كفاية ليتحقّق من الهوية المهنية لطبيبه”.
وسجل حمضي، ضمن إفادات قدمها لهسبريس، أن “هذا الانتحال خطير لأن جملة من الأمراض تحتاج تتبعا دقيقا، والطبيب المزيّف لا يعرف مساطر ولا تفاصيل علاجها”، وزاد مستدركا: “لكن علينا أن نعرف أن الأطباء المنتحلين مشكلة تواجه مختلف الدول، والمثير أننا نجدهم يمارسون تخصصات دقيقة أيضا، حتى في التدخلات الجراحية، ومنهم من جرى اكتشافه بعد سنوات كثيرة من الممارسة؛ وهؤلاء إما يكونون في الأصل تقنيين أو ممرضين”.
وحمّل المتحدث للمنتحلين جزءاً كبيراً من المسؤوليّة في “انهيار نسبي لثقة المواطنين في القطاع الطبي، بل في الكوادر الطبية المؤهلة”، بحكم الفشل في تتبع حالة صحية معينة أو إدخالها في أوضاع صحية أخطر وذات آثار جانيّة، وتابع: “المواطن ليس دوره أن يعرف هل الطبيب مزيّف، وإنما هو دور السلطات الصّحية والسلطات الإدارية والهيئات المهنيّة”، مسترسلا: “لابد من التتبع، فمثلاً لا يمكن أن نسمح بأن يفتح طبيب عيادة بدون معرفة مساره الأكاديمي والمهني”.
وأورد الباحث في السياسات والنظم الصّحية أن “الخطر الأكبر الآخر الذي يمثّله هؤلاء المزيّفون هو وجود منتحلين دون عيادات في المغرب، ويتجولون رغم أنهم لا علاقة لهم بالطب ويروجون أنهم يعالجون أمراضا خطيرة وفتاكة مثل السرطان، إلخ”، مبرزا أن “بعض هؤلاء يحصلون على ‘دكتوراه شرفية’ ويعتبرون أنهم أصبحوا أطباء”، وزاد: “كما أن هناك من يشتغل في الصيدلية ويقدم نصائح للمرضى على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا أيضا انتحال لصفة الطبيب”.
من جهته حذر سعيد عفيف، رئيس التجمع النقابي الوطني للأطباء الاختصاصيين بالقطاع الخاص، من المعضلات التي صار يطرحها هؤلاء “الأفراد الذين يسيئون لمهنة الطب”، معتبرا أن “ممارسة المهنة منظمة بقوانين واضحة، منها القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، وكذلك اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 08.12 اﻟﻣﺗﻌﻟق بالهيئة اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻟطﺑﯾﺑﺎت والأطباء”، ومؤكداً أن “هذا التقنين يجعل المواطن مبدئيّا قادراَ على التبليغ عن الحالات التي يرى أنها ليست على ما يرام بخصوص صفة الطبيب”.
وأورد عفيف، في تصريحه لهسبريس، أن “المهنة لها حرمة وأخلاقيات”، مردفا بأن الهيئة المذكورة “تواكب الملفات والدبلومات والتدريبات؛ وفي حالة وجود شخص يدعي أنه طبيب بدون المسارات المهنيّة المعمول بها فهذا يتطلب تدخلاً حازماً لحماية هذه المهنة والحفاظ على الصحة العامة”، وختم بالقول: “لا يمكن أن يكون هناك فرد منتحل يقوم بفحص المرضى بارتياح في ظل وجود قوانين. ولا نستطيع أن نسمح لأي كان بأن يستغل الصحة بهذا الشكل البشع، لهذا كانت السلطات دائما حاسمة في هذا الموضوع”.
المصدر: وكالات