تواصل تداعيات التصريحات التي أدلى بها وزير العدل بشأن مباراة الأهلية لولوج مهنة المحاماة والحديث عن دراسة نجله في دولة أجنبية خلق الجدل، حيث عبرت النقابة المغربية للتعليم العالي عن استنكارها لتلك التصريحات معتبرة إياها مؤشرا سلبيا يستبطن الإساءة إلى الجامعة العمومية الوطنية في مقابل الجامعة الأجنبية، خاصة على مستوى المفاضلة بين نوعية وطبيعة التكوينات التي تتيحها الجامعتان.
وفي هذا الإطار، قال محمد بنجبور، رئيس النقابة المغربية للتعليم العالي، إن تلك التصريحات يلفها الشرود خارج السياق والمسؤولية التي يفرضها الموقع السياسي والموقف المجتمعي في إطار جدلية الموقع والموقف، وما يقتضيانه من مراعاة المقامات التي تعتبر مركزية وحاسمة على مستوى الخطاب السياسي في الممارسة العمومية.
وأفاد المتحدث، في تصريح لهسبريس، بأن الجامعة العمومية المغربية حققت بفضل أطرها ومواردها تراكما وإنجازا كبيرا على كل المستويات، واستطاعت بذلك أن تكسب الرهان رغم الإكراهات والعوائق المتحركة في طريق سيرها، منذ الاستقلال إلى تحديات الألفية الثالثة.
واعتبر بنجبور أن تصريح وزير العدل “غير واقعي، ويؤشر على عدم المعرفة والاطلاع على طبيعة الكفايات ونوعية التكوينات التي تقدمها الجامعة العمومية المغربية، والتي استطاع خريجوها أن يكسبوا تحدي الولوج إلى كل الوظائف والمهن في الداخل والخارج”.
وفي هذا السياق، أوضح أن خريجي الجامعات العمومية المغربية الذين يلجون سوق العمل الأجنبي يشكلون رقما صعبا على مستوى الكفاءة والقدرة والجرأة على الإنجاز والقرار، اعتبارا للمكتسبات والمعارف التي تلقوها في الجامعة العمومية المغربية.
وحول الحديث عن تفوق أبناء المحامين والقضاة، قال رئيس النقابة المغربية للتعليم العالي إن هذه الإطلاقية في الأحكام التي قرن فيها وزير العدل الكفاءة بالانتماء المهني يفترض فيها أنه قام بدراسة علمية بخصوصها، فتوصل بعد البحث والدراسة والتحليل إلى هذه الخلاصات والنتائج التي تُقَرر أن أبناء المحامين والقضاة يكونون في الغالب أكثر كفاءة.
وأضاف أن “الحكم الذي أطلقه وهبي يعد محاولة للتبرير يأباها الواقع، وتستصحب عملية احتكار مهنة المحاماة على فئة معينة بسبب الانتماء الوظيفي للآباء”، مبرزا أن كليات الحقوق بالمغرب استطاعت عبر مسارها أن تَكون رافدا مركزيا للوظائف والمهن القانونية والقضائية من خلال ما تقدمه من تكوينات جادة ومتينة في مختلف فروع تخصصاتها، وشكل خريجوها خلفية مهمة لتلك الوظائف وأدوها باقتدار وكفاءة، اعتبارا للجهود التي يؤديها الأساتذة الباحثون بهذه الكليات وكذا الكليات متعددة التخصصات وكليات الشريعة، الذين يشتغلون على تقديم تكوينات قانونية جادة تؤهل طلابها لاجتياز كل الاستحقاقات المتعلقة بالمهن القانونية والقضائية، في ظل إكراهات الاكتظاظ.
وأصدرت النقابة بلاغا تصف فيه تصريح الوزير بـ”غير المقبول من مسؤول حكومي يتحمل حقيبة حساسة مثل العدل. كما أنه يوحي للطلبة وأسرهم ولجميع أفراد المجتمع بوجود متاريس أمام الولوج العادل والمتكافئ إلى فرص الشغل، كما ينص على ذلك دستور المملكة المغربية”.
وطالبت النقابة الحكومة بتعزيز ثقة المواطنين والمواطنات في المؤسسات العمومية، والكف عن كل ما من شأنه أن ينال من مصداقيتها، وفي الطليعة الجامعة المغربية العمومية وكلياتها ومدارسها ومعاهدها العليا، وتثمين المهام التي تضطلع بها أطرها، وعدم تبخيس شهاداتها في انسجام مع القانون الإطار17/51 وكل الأطر المرجعية.
المصدر: وكالات