أوقفت أزيد من 129 ألف شركة إسبانية صفقاتها التجارية مع الجزائر منذ بداية الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، مما أدى إلى انخفاض حجم الصادرات الإيبيرية بشكل حاد صوب الجزائر.
وأشارت صحيفة “ABC” إلى أن العلاقات الإسبانية الجزائرية تمرّ بـ”أعنف” لحظة تاريخية منذ 1962، مؤكدة أن الوضع غير المسبوق لم يقتصر على الخلافات السياسية، بل امتد أيضا إلى العلاقات الاقتصادية.
وذكر المنشور أن الصادرات الإسبانية انخفضت بنسبة 93 بالمائة في أواخر العام الفارط، حيث بلغت عائدات التصدير 10.8 ملايين أورو فقط في دجنبر الفائت، فيما اقتصرت أغلب الواردات الجزائرية على الغاز.
ووفقا للبيانات المنشورة في الصحيفة سالفة الذكر، فقد توقفت 129475 شركة إسبانية عن إبرام صفقاتها التجارية مع الجزائر، بينها 8934 شركة تجمعها علاقات تصديرية منتظمة بالجزائر.
ولفت المصدر نفسه إلى أن الجزائر اتجهت لإيطاليا من أجل استيراد المنتجات التي كانت تحصل عليها سابقا من طرف إسبانيا، فيما التجأت هذه الأخيرة إلى الأسواق الإفريقية الأخرى لتعويض الخسائر المالية المترتبة عن الأزمة.
وبعد مضيّ سنة على التوتر السياسي بين مدريد والجزائر، ما زالت الشركات الإسبانية تشتكي من “التضييق” الذي تمارسه السلطات الجزائرية على أنشطتها التجارية، مشيرة إلى ضعف المعاملات البينية منذ أشهر.
في هذا الصدد، قال هشام معتضد، خبير في العلاقات الدولية مقيم بكندا، إن “استعمال الجزائر ورقة التجارة في خضم أزمتها السياسية مع إسبانيا، يعكس عدم نضج الفكر التدبيري لدى القيادة الجزائرية في بناء سياسة خارجية واقعية وبنَّاءة، ترقى إلى أبجديات العلاقات الدولية التي تميز بين ما هو تجاري واقتصادي محض، وما هو سياسي مرتبط بتوجهات سيادية واستراتيجية خاصة برؤية كل سلطة مستقلة”.
وأضاف معتضد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المنوال السياسي الذي اختاره قصر المرادية باعتماده على عرقلة المعاملات التجارية مع اسبانيا بناءً على خلاف سياسي، أو بالأحرى نتيجة توجه سيادي للحكومة الإسبانية، يشكل ضررا كبيرا للقطاع الاقتصادي الجزائري، الذي سيتأثر بهذا التوجه السياسي نظراً لأنه يبعث رسالة واضحة إلى كل المستثمرين الأجانب بأن أي خلل في العلاقات السياسية قد يعصف بكل جهودهم الاقتصادية والتجارية المستثمرة في الجزائر”.
وأوضح المحلل السياسي أن “مقاربة الجزائر في تدبير خلافها السياسي مع مدريد بالاعتماد على ورقة المعاملات التجارية، تسيئ بشكل كبير إلى صورة الجزائر على المستوى الدولي، وتعكس عدم النضج السياسي لدى النظام الجزائري في خلق نوع من التوازن المسؤول بين ما هو اقتصادي وما هو سياسي في بناء العلاقات الدولية، وهو ما سيؤثر على صورة العلامة التجارية لقطاعها التجاري الذي أصبح يتراجع بشكل كبير في بورصة المعاملات التجارية والأسواق الاستثمارية”.
وأردف الخبير عينه بأن “خلط السياسي بالتجاري في تدبير العلاقات الدولية يبرهن بشكل أو بآخر على نوعية الريع الفكري الذي يهيمن على رؤية السلطات الجزائرية في بناء خريطة طريقها السياسية، وعدم وعيها بعد بالتبعيات الاستراتيجية لسلوكها غير المسؤول تجاه المنظومة التجارية للمعاملات الاقتصادية مع دول تحترم ديناميكية قطاعاتها وتميز بين ميادينها الحيوية في تدبير علاقتها التجارية”.
وختم معتضد بأن “النظام الجزائري يعتمد بشكل كبير على الإيديولوجيا السياسية في تدبير قطاعه التجاري والاقتصادي، وهذا التوجه المتجاوز يشكل عائقا كبيرا أمام تموقع الجزائر سياسيا على المستوى الإقليمي والقاري، وهو ما ينعكس سلبا على تحركاتها، ويضعف هياكلها المؤسساتية ويضع رصيدها السياسي في أدنى الدرجات على سلم التنافسية الاستراتيجية”.
المصدر: وكالات