فصل جديد من التعاون المتين والتبادل البيني تقبل عليه العلاقات بين المملكة المغربية والجار الجنوبي موريتانيا خلال الأسابيع المقبلة؛ ذلك ما بد واضحا من خلال الدينامية المسجلة خلال الأيام الماضية على مستويات عدة، انطلاقا من الديبلوماسي الرسمي، مرورا بالديبلوماسي البرلماني، وانتهاء بديبلوماسية الاقتصاد والاستثمارات.
واستقبل النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، الثلاثاء الماضي، أحمد ولد باهيه، سفير الجمهورية الموريتانية الإسلامية المعتمد لدى المملكة المغربية. وتم التأكيد خلال هذا الاجتماع على متانة وعمق الروابط الإنسانية والروحية والأخوية المتجذرة بين البلدين الجارين، إلى جانب استعراض مختلف أوجه العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات.
وفي هذا الشق المتعلق بالديبلوماسية البرلمانية، تم الأسبوع الماضي تشكيل مجموعة صداقة برلمانية موريتانية مغربية ضمت حوالي 20 نائبا يمثلون مختلف القوى السياسية الموريتانية، ما بين أغلبية ومعارضة. وأشاد السفير المغربي بنواكشوط، حميد شبار، بهذه الخطوة، معتبرا إياها “ستساهم في مواكبة الدينامية الإيجابية بين البلدين”.
على صعيد آخر، يستعد الاتحاد العام لمقاولات المغرب لقيادة بعثة اقتصادية مغربية إلى نواكشوط ما بين 21 و22 فبراير المقبل، من المنتظر أن تضم ممثلي حوالي 80 شركة، بهدف التباحث مع الجانب الموريتاني حول سبل الاستثمار في مجموعة من القطاعات الحيوية، بما فيها الصناعة والصيد البحري والفلاحة والطاقات المتجددة.
وثمن مراقبون هذه الطفرة المسجلة في العلاقات بين البلدين الجارين، على اعتبار أنها “ستمكن من حلحلة مجموعة من الملفات والقضايا المشتركة”، موضحين في هذا الإطار أن “معطى الجوار بين البلدين والتاريخ المشترك يحتم ضرورة توطيد العلاقات لما فيه من مصلحة للجانبين”.
بوابة نحو إفريقيا
محمد نشطاوي، خبير في العلاقات الدولية، قال إن “الدينامية المسجلة على مستوى العلاقات المغربية الموريتانية ستشكل أرضية مهمة لإعادة تعميق الارتباط الثنائي بين الرباط ونواكشوط، وذلك بالنظر إلى أن هذا الجار الجنوبي يعد بوابة المغرب نحو إفريقيا، ومن بين الدول كذلك التي سيمر منها أنبوب الغاز النيجيري المغربي”.
وأوضح نشطاوي، في إفادته لهسبريس، أن “التحركات المغربية الموريتانية في هذا الإطار ستمكن أولا من حلحلة مختلف القضايا العالقة بين البلدين، إلى جانب الدفع إلى الأمام بالجهود المبذولة لمواجهة المشاكل والصعوبات التي تواجه المنطقة الإفريقية والأطلسية ككل”.
وبخصوص إمكانية السعي المغربي نحو استصدار موقف موريتاني أكثر وضوحا حول أزمة الصحراء المفتعلة، اعتبر الأكاديمي ذاته أن “المملكة تعي جيدا أن هذه الشراكة الاقتصادية والتحركات الديبلوماسية بإمكانها أن تفتح الباب أمام مزيد من التعاون، وهو ما يمكن أن يساهم بشكل إيجابي في تغيير موقف موريتانيا من قضية الوحدة الترابية للمملكة، لا سيما وأنها لا تزال تعترف بالبوليساريو”.
مصالح مشتركة
الوالي سيدي هيبة، محلل سياسي موريتاني، قال إن “الجانب الموريتاني يرحب بجميع العلاقات المغربية بالنظر إلى أن العلاقات بين البلدين هي علاقات للتاريخ والحاضر والمستقبل؛ ذلك أننا نتقاسم الجغرافيا ذاتها والمصير نفسه، وبالتالي فنتيجة هذه العلاقات ستكون بكل تأكيد بارزة على أرض الواقع وفي مجالات مختلفة”.
وأضاف سيدي هيبة، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الطفرة الجديدة في العلاقات بين الجارين ستغيض بطبيعة الحال مجموعة من الأطراف التي تحاول الإبعاد بين موريتانيا وجارها الشمالي”، موضحا أن “المغرب يبقى شريكا مهما واستراتيجيا لموريتانيا في المجال الاقتصادي على الخصوص، بالنظر إلى الاستثمارات المغربية الكبرى في البلاد”.
وأكد المتحدث أن “موريتانيا تعي جيدا أهمية تكوين علاقات سياسية ممتازة مع المغرب، فذلك في مصلحتها أولا وفي مصلحة المنطقة ككل من جهة ثانية، وهي كذلك واعية بضرورة السعي نحو بناء منظومة علاقات إقليمية بهدف الوصول إلى حلول لمختلف القضايا العالقة، سواء الثنائية أو الإقليمية ككل، في وقت تواجه فيه المنطقة الأطلسية تحديات على أكثر من صعيد”.
المصدر: وكالات