رسائل سياسية قوية وأخرى بدلالات اجتماعية واقتصادية لا تخطئها عيون الفاعلين بعث بها عزيز أخنوش، رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، من منصة “منتدى المنتخبين الأحرار” في محطته السادسة، التي حطت الرحال يوم السبت بجهة الشرق، وتحديدا بإحدى أبرز مدنها وأقاليمها، الناظور.
بداية الانتعاش الاقتصادي
أبرز الرسائل التي تضمنتها كلمة أخنوش، أمام أكثر من 800 منتخَب ومنتخبة من حزبه بالجهة الشرقية، كانت اقتصادية، قائلا: “أؤكد بأننا نخرج من الأزمة تدريجيا، وأغلب المؤشرات الاقتصادية تسير في منحى تحسن مستمر، ولعلها بداية انتعاش اقتصادي لوضع البلاد والأسر بدأت تظهر معالمها مع زيارة 6.5 ملايين سائح للمملكة عند متم يونيو 2023”.
وشدد رئيس الحكومة على “مواصلة دعم المواطن من خلال صندوق المقاصة وتنزيل ورش الحماية الاجتماعية، مع التحكم في عجز الميزانية والتوازنات الماكرو- اقتصادية”، مبرزا أن “تقارير صندوق النقد والمنظمات المالية العالمية كلها تساند البرامج والتوجهات الحكومية وتشيد بصمود الاقتصاد الوطني”.
“تحسنت جميع المؤشرات الاقتصادية، وتحكَّمْنا في عجز الميزانية”، يورد أخنوش، مشيرا إلى أن “كل هذا يعكس نجاحات الحكومة وصواب توجهاتها، مسنوداً بمنسوب الحكامة الجيدة التي تتبعها الحكومة”. وتابع قائلا: “هذه المنجزات الإيجابية سيشعر بها المواطن بداية من الشهور والسنوات المقبلة، وعندما تعطي ثمارها سيؤدي ذلك إلى تقوية فرص الشغل ورفع دخل الأسَر”.
واستخلص رئيس الحكومة أنه “بفضل المؤشرات الاقتصادية الحالية نلمس اليوم بوادر انتعاش الاقتصاد الوطني وبداية خروجه من الأزمة، وهو ما تعكسه عودة الرواج الاقتصادي والتجاري إلى الأسواق، بفضل بداية قوية لحركية الاقتصاد والاستثمارات، وعودة الثقة في الاقتصاد الوطني”.
وفي كلمته التي ختمَت أشغال الجلسة العامة لمنتدى منتخَبي حزبه بالجهة الشرقية، أكد أخنوش “تماسك وصمود العمل الحكومي بفضل وفاء شركائنا في الأغلبية”، خاصّاً بالتنويه والذكر عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ونزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، اللذين قال إنهما “شريكان موثوقان”. وتابع “اجتزنا أوقاتا صعبة، لكننا تجاوزناها بفضل صبر أغلبيتنا المتماسكة. صمدنا جميعا وتمكّنّا كفريق واحد من تحقيق مردودية ونتائج أفضل، ليس وطنيا فقط، بل من خلال العمل المحلي الجاد أيضاً”.
ميناء الناظور سيُغيّر وجه الشرق
“جهة الشرق جهة كبيرة بتاريخها، ولرجالاتها ونسائها صدىً وطني وعالمي. وأغتنم هذه الفرصة لأحيّي أحمد عصمان مؤسس الحزب، ومصطفى المنصوري رئيس الحزب الأسبق، وكِلاهُما من أبناء الجهة… لقد تعاقب على رئاسة حزبنا أربعة رؤساء، اثنان منهم ينتميان إلى منطقة الشرق”. بهذه العبارات افتتح “رئيس التجمعيين” خطابه أمام 800 منتخب ومنتخبة في أقاليم جهة الشرق.
أخنوش زفّ بشرى سارة إلى ساكنة الجهة قائلا: “على غرار ما شهدته طنجة، ستعرف منطقة الناظور انتعاشة كبرى في المستقبل، وميناء الناظور غرب المتوسط سيخلق تحوّلا كبيرا على المستوى اللوجستيكي وبعده على المستوى الصناعي”. وزاد “تعرف الجهة أيضا استثمارات كبرى فاقت 10 مليارات درهم في القطاع الفلاحي، ومن خلال برنامج الجيل الأخضر ستتضاعف القيمة المضافة للقطاع مرتين”.
مشاريع استثمارية مهيكلة
وأعلن رئيس حزب “الحمامة” أن “الجهة الشرقية للمملكة بُرمجت بها مجموعة من الاستثمارات المهيكلة تنموياً”، مُعدّداً “المركب الرياضي للناظور الذي طالبتم به كمنتخَبين، والطريق السيار جرسيف- الناظور، ومحطة تحلية المياه بالناظور، التي سيتم اتخاذ قرار بشأن طلب العروض الخاص بها قبل نهاية 2023… وكلها وغيرها استثمارات هيكلية كبرى على مختلف المستويات”.
“أنا متفائل جدا بما سيقع في هذه الجهة، بفعل المشروع الملكي ميناء الناظور- غرب المتوسط، الذي سيُحدث تحولا كبيرا في هذه المنطقة فلاحيا وصناعيا، مما سينعكس إيجابا على التشغيل وعلى حياة المواطنين”، يؤكد المتحدث.
وتوجّه أخنوش بالشكر إلى منتخبي حزبه على “أياديهم النظيفة واشتغالهم بجدٍّ مع المواطنين”. وقال: “أؤكد أنكم تتمتعون بالقبول لدى المواطنين بفضل مصداقيتكم، وأنا أشجعكم على أن “تبقاو فطريق أغاراس أغاراس”، وهو ما سيعطي نتائج إيجابية لبلدكم ومنطقتكم وحزبكم، وفي الانتخابات المقبلة ستحصلون على نتائج جيدة”.
“الأحرار ماخاوْيينْش الساحة”
“حزبُنا يشتغل بجدية ولم يترك الساحة فارغة (الأحرار “ماخاوْيينْش الساحة”)”، يقول زعيم “الأحرار”، مؤكدا أن “حزبنا لم يُخلَق لنلتقيَ كل خمس سنوات، فهو اليوم يعيش دينامية سنكملها إن شاء الله حتى نُخرِج “مسار التنمية”، الذي سيرى فيه كل واحد أفكاره التي عبر عنها، وبعد ذلك ستكون هناك مسارات أخرى”.
وأردف أن “الحزب يتواصل مع ساكنة عدد من المناطق، ويفتح النقاش حول القضايا المطروحة مجتمعياً، أبرزها مدونة الأسرة ومستقبل المرأة المغربية”، مجددا التذكير بمحطات حطت فيها “حمامة الحزب” في عدد من الجهات وخلقت دينامية على صعيد العمل التنظيمي الحزبي.
كلمة أخنوش لم تخْلُ من “استرجاع” بدايات الولاية الحكومية الحالية، قائلا: “عندما تحمّلْنا المسؤولية كحكومة وجدنا تأخراً في تنزيل مجموعة من البرامج، كما بدأنا عملنا في ظرفية يطبعها الجفاف وقلة التساقطات المطرية، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع مستويات التضخم… لكن وجاهة الإصلاحات الحكومية أنقذت الاقتصاد الوطني”.
وأبرز أن “الحكومة تشتغل على أولويات الصحة والتشغيل والتعليم دون إغفال إشكاليات أخرى مرتبطة بباقي القطاعات. وتابع قائلا: “ترأستُ أكثر من ثلاثة اجتماعات مع وزير الفلاحة لنجد حلولا للقطاع الفلاحي، الذي كان يعاني من التضخم في أسعار المنتوجات الفلاحية، كما دعمنا قطاع السياحة، والجميع يرى كيف أصبح سياح العالم يتدفقون على بلادنا اليوم”.
وذكّر أخنوش بـ”إصلاحات ضريبية صعبة وجريئة باشرتها حكومته لصالح البلاد، وبإرجاع الضريبة إلى المقاولات، مع إصدار منشور الصفقات العمومية الجديد المتسم بالمرونة، ودعم مهنيّي النقل لخلق توازن، والقطاع الفلاحي بـ10 مليارات درهم لمواجهة التضخم”. كما استحضر دعم التشغيل من خلال برنامجيْ “فرصة” و”أوراش”.
وأجمل القول بأن “الحكومة قامت بإصلاحات في مجال الحقوق والحريات بقانون العقوبات البديلة، الذي ليس من السهل إخراجه، وباشرت إجراءات تتعلق بتبسيط المساطر الإدارية، مع ميثاق الاستثمار الذي يدعم المشاريع بحوالي 30 في المائة من قيمة الاستثمار، كما استمررنا في دعم صندوق المقاصة، ونجحنا في ورش الحماية الاجتماعية الذي سيدخل مرحلة جديدة في 2024”.
المصدر: وكالات