شدد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، على حرص فريقه الحكومي على “جعل إصلاح التعليم أولوية وطنية راهنة، وقضية محورية تستأثر باهتمام كبير لدى الحكومة الحالية”، كاشفاً أن حكومته “لمّـا تحملت المسؤولية وقفت على واقع مقلق في قطاع التعليم، بناء على مجموعة من المؤشرات، بشكل فرَضَ عليها مباشرة إصلاح عميق وشمولي للقطاع”؛ كما شدد على “تدبير تحديات قطاع التعليم عبر استحضار المصلحة الوطنية العليا وتغليب منطق الحوار”.
“واقع مقلق فرَض الإصلاح”
أخنوش، وهو يتحدث في جلسة عمومية للمساءلة الشهرية بمجلس النواب، بعد زوال اليوم الإثنين، خصصت لمناقشة موضوع “المنظومة التعليمية”، استحضر مجموعة من الأرقام المقلقة، مسجلا أن “أزيد من 330 ألف تلميذ يغادرون مقاعد الدراسة سنوياً، وهو ما يشكل أحد أكبر المعيقات التي تُعرقل تطور المنظومة التعليمية بجميع مراحلها؛ كما أن 70% من التلاميذ لا يتحكمون في المقرر الدراسي عند استكمالهم التعليم الابتدائي، و30% فقط من التلاميذ يتمكنون من المقرر الدراسي في التعليم الابتدائي، و10 % فقط في التعليم الإعدادي، فيما 23 % فقط يستطيعون قراءة نص مكون من 80 كلمة باللغة العربية بسلاسة، أي إن 77% من التلاميذ المغاربة غير قادرين على قراءة نص بالعربية و30 % فقط يتمكنون من قراءة نص باللغة الفرنسية مكون من 15 كلمة بسلاسة، و13 % فقط يستطيعون إجراء عملية قسمة بسيطة؛ بينما 49 % من الطلبة يغادرون الجامعة بدون الحصول على دبلوم”.
هذا التشخيص، أضاف رئيس الحكومة، “يتقاطع مع ما جاء به تقرير النموذج التنموي الجديد”، “الذي حدد مكامن الخلل في ثلاثة أبعاد: يتعلق الأول منها بأزمـة جـودة التعلمـات، والثاني بأزمـة ثقـة المغاربـة إزاء المؤسسـة التربويـة وهيئتهـا التعليميـة، فيما يرتبط البعد الثالث بأزمـة مكانــة المدرســة التــي اعتبر التقرير أنها لــم تعــد تلعــب دورهــا فــي الارتقــاء الاجتماعــي وتشــجيع تكافــؤ الفــرص”.
وجوابا عن هذه التحديات التي تشكل “تراكما موروثاً لسنوات طويلة”، أكد أخنوش أن الاختيارات الحكومية “واضحة وموضوعية لتجاوز تراكمات الماضي”، مردفاً: “عبّرنا عنها في البرنامج الحكومي الذي يضع التعليم في صلب أولوياته، باعتباره يشكل آلية لتنمية الرأسمال البشري، ورافعة لتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية”، حسب تعبيره.
وتابع المسؤول الحكومي ذاته: “… ذلك أننا نؤمن بأن تحقيق أهداف الإصلاح التربوي يتطلب الانطلاق من مرتكزات واضحة وصحيحة، وقناعات مشتركة بين مختلف الفاعلين والمتدخلين في الشأن التعليمي، ما مكّنَنا من وضع خارطة الطريق 2022-2026 كأفق واضح المعالم، تستمد مرجعيتها الأساسية من التوجيهات الملكية السامية، الرامية إلى تحقيق إصلاح تربوي شامل، وتقوم أرضيتها على أساس الرؤية الإستراتيجية 2015-2030 من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء، والقانون الإطار 51.17 للتربية والتكوين، أخذا بعين الاعتبار توصيات النموذج التنموي الجديد، وأهداف البرنامج الحكومي”.
استحضار المصلحة الوطنية العليا
وارتباطاً بالاحتقان الذي عرفته المدارس المغربية في ما عرفت بـ”أزمة النظام الأساسي”، قال رئيس الحكومة للنواب: “حرصنا بكل جدية ومسؤولية على تدبير هذه التحديات وفق مقاربة تشاركية، استدعت استحضار المصلحة الوطنية العليا، وتغليب منطق الحوار، لاسترجاع ثقة جميع الفاعلين، عبر آلية الحوار الاجتماعي المؤسساتي الفعال”.
وتابع أخنوش مذكرا بسياق كانت قد قدّمَت خلاله الحكومة أمام البرلمان سنة 2022 “مجموعة من الالتزامات في موضوع إصلاح منظومة التربية والتكوين، بمرتكزات واضحة قابلة للتنزيل حاولنا العمل عليها رغم تراكم العديد من الإشكاليات”، مشددا على منطق تدبير التحديات باستحضار “المصلحة الوطنية العليا”.
ولفت المتحدث إلى أن حكومته انتهجَت “مقاربة تشاركية واسعة ساهم فيها جميع الفاعلين التربويين والمتدخلين والشركاء، تجسيدا للمسؤولية المشتركة في بناء نموذج مدرسة عمومية ذات جودة للجميع”.
ولم تفت أخنوش، وهو يتحدث مجيبا عن 5 أسئلة محورية مبرمجة ضمن الجلسة، الإشارة إلى كون “هذا الإصلاح يستدعي تجنُّد الجميع لتحقيق أسمى غاياته، تفعيلا للتوجيهات الملكية الهادفة إلى إصلاح قطاع التعليم”، مؤكدا “قناعة الحكومة الراسخة بما يشكله من أهمية بالغة في التأثير على مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية”.
“معركة حقيقية ومسار حاسم”
وكان رئيس الجهاز الحكومي استهل كلمته بالحديث عن “الاهتمام الكبير الذي يحظى به إصلاح المدرسة العمومية والجامعة المغربية لدى الملك منذ اعتلائه العرش، مع تذكيره الفاعلين في مجموعة من خطبه السامية بأن الأمر لا يتعلق بإصلاحات قطاعية بسيطة وعادية، وإنما بمعركة حقيقية ومسار حاسم لرفع التحدي التنموي للمملكة، وفق منظور متكامل يشمل الارتقاء بالبحث العلمي وتأهيل الموارد البشرية وخلق فضاءات تعليمية وجامعية تضمن العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع أبناء المغاربة”.
وأضاف رئيس الحكومة: “هذا الحرص المولوي السامي على قضايا التعليم تجسّد عبر الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان في أكتوبر 2017″، مستدلاً بمنطوق هذا الخطاب: “المغاربة اليوم يريدون لأبنائهم تعليما جيدا لا يقتصر على الكتابة والقراءة فقط، وإنما يضمن لهم الانخراط في عالم المعرفة والتواصل والاندماج في سوق الشغل ويساهم في الارتقاء الفردي والاجتماعي”.
—
المصدر: وكالات