لا حديث بين متتبعي الشأن التعليمي المغربي، منذ بداية الأسبوع الثاني من أكتوبر الماضي إلى اليوم، إلّا عن التداعيات التربوية والتعليمية والمالية والاقتصادية والاجتماعية للاحتجاجات والإضرابات عن العمل التي تخوضها الشغيلة التعليمية الرافضة للنظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية في صيغته الحالية.
وفي الوقت الذي فُتحت نقاشات حول التحصيل الدراسي للمتعلّمين واحتمال تراجعه بسبب الشلل الذي أصاب أغلب المؤسسات التعليمية، والتعثّر الذي طبع الدورة الأولى من الموسم الدراسي الجاري، سلّط آخرون الضوء على الجانب النفسي للتلاميذ والتلميذات، متسائلين عن طبيعة المشاكل النفسية، التي يمكن أن تظهر لدى الأطفال المتضررين من هذا الوضع على المستويات القريبة والمتوسطة والبعيدة.
وفي هذا الإطار أكّدت ندى الفضل، أخصائية ومعالجة نفسية إكلينيكية وأستاذة باحثة في الصحة النفسية وعلم النفس المرضي الإكلينيكي، أن “الأوضاع التعليمية الحالية تؤثر فعلا على الجانب النفسي للتلاميذ، سواء بالسلك الابتدائي أو السلكيْن الإعدادي والثانوي”.
وأوضحت أنه “على المستوى القريب، خاصة لدى تلاميذ الإعدادي والثانوي، تكون التأثيرات النفسية عبارة عن شعور بالخوف من المستقبل بصفة عامة، إضافة إلى الخوف من ألّا تتحقق آفاقهم وأحلامهم المستقبلية، التي يرون أن الوصول إليها لا يمكن أن يتم إلا بالدراسة”.
وبخصوص تأثير الارتباك الحاصل في الوضع التعليمي الحالي على الجانب النفسي لدى متعلمي السلك الابتدائي، قالت الأخصائية والمعالجة النفسية إن “الأطفال في هذه المستويات التعليمية والفئة العمرية قد يحسّون بنوع من الضياع الفكري والغموض بخصوص المستقبل”.
وفيما يتعلق بطبيعة التأثيرات النفسية على المستوى المتوسط بالنسبة لتلاميذ الابتدائي والإعدادي والثانوي، أشارت الباحثة ذاتها إلى “الدخول في حالة من القلق العام، الذي يجعل الفرد يشعر بالخوف الدائم من الأحداث التي يمكن أن تصادفه في الحياة”.
وأضافت، في السياق ذاته، أن “الخوف الدائم من الأحداث القادمة يمكن أن يساهم في ظهور تأثيرات نفسية بعيدة كالاضطراب أو الاكتئاب، وما يرتبط به من أعراض من قبيل الرؤية السلبية والسوداوية وإحساس الفرد بالفشل والخوف من المستقبل”.
ومن باب الوقاية وتجنّب الإصابة بالمشاكل النفسية المذكورة، نصحت الأستاذة الباحثة في علم النفس المرضي الإكلينيكي بضرورة “التواصل والحوار بين التلاميذ وآبائهم وأمهاتهم، والحرص على مساعدتهم على الاستمرار في التعامل مع المقرر الدراسي، ووضع أمل تحسن الأوضاع نحو الأفضل، وإعطائهم الثقة بأن طموحاتهم ستتحقق”.
وإذا لم تحقق التدابير الوقائية الهدف منها، وصار من الضروري اللجوء إلى العلاج، أكدت الأخصائية والمعالجة النفسية الإكلينيكية أن “علاج المشاكل النفسية المتوسطة وبعيدة المدى تحتاج إلى مواكبة نفسية ودعم نفسي وتقنيات علاجية مع المختص في المجال النفسي من أجل الحيلولة دون الوصول إلى حالة شديدة من مستوى القلق أو الاكتئاب، أو أي اضطراب مصاحب لهذه الأزمة”.
المصدر: وكالات
