“الأخبار الزائفة معطى قار”، وفق لطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، التي قالت إن هذه الظاهرة التي اتخذت حجما أكبر في ظل “الثورة الرقمية” ليست ظاهرة عابرة؛ وهو ما يقتضي “التعامل معها بصرامة، فالمواطن يعيش داخل هذه المنظومة، وهو ما يحتم علينا طرح قضية طبيعة وحجم تأثير الممارسات التضليلية على الأفراد والمجتمعات، بسياسات حقيقية وتحليل”.
كما نبهت أخرباش إلى “كلفة الأخبار الزائفة” اقتصاديا واجتماعيا وديمقراطيا، في ندوة نظمها “المنتدى المغربي للصحافيين الشباب” بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل بعنوان “محاربة الأخبار الزائفة.. بين دور الإعلام المهني ومسؤولية المجتمع”.
وشددت الأكاديمية والدبلوماسية السابقة على الحاجة إلى مواجهة “التطبيع مع نظرية المؤامرة في المجتمع” لأن عواقب عدم المواجهة “أخطار داهمة من تصادم، ونزعات استعداء بين الأفراد والمجموعات (…) مما يؤدي إلى مجتمع متقاطب، لحمته وعيشه المشترك مهددان”. وفسرت، في هذا الإطار، “القرارات الزجرية” التي أصدرتها “الهاكا” في بداية “جائحة كورونا” بعدما رصدت “وجود إذكاء للاستعداء بين الملقحين وغير الملقحين عبر نظرية المؤامرة”.
ومن بين الكلفات الفادحة لـ”التضليل والأخبار الزائفة”، حسب مديرة المعهد العالي للإعلام والاتصال سابقا، “نقص منسوب العقلانية في المجتمع”، علما أن “مجتمعا بدون عقلانية مجتمع منساق”.
ثم زادت: “سياسيا، تكلفة التضليل واضحة؛ لأنها تفسد الفعل الديمقراطي لاستهدافها حرية ونزاهة المسلسلات الانتخابية. وممارسة الأخبار الزائفة تغذي وتفشي خطاب العدمية والتشكيك في جدوى ومصداقية الفعل والفاعل العمومي”.
وذكرت المتحدثة أن “الإعلام هو الآخر لم ينج من هذا التسميم، بأفكار تروج عنه مثل أن الصحافيين جميعهم مرتشون”، وفسرت الأمر قائلة: “الإعلام مؤسسة تُستَهدَف مثل كل المؤسسات، ولا يعني هذا أن المؤسسات الإعلامية لا مشاكل فيها؛ لكن قضايا البيت الإعلامي يعالجها أصحاب البيت، إلا أن هناك استهدافا لا يخدم قضايانا بشكل عام فلا توجد ديمقراطيةٌ أنتجت مثل الصحافي المهني والإعلام كسلطة مضادة”.
ومع حديثها عن وجود “استسهال لظاهرة التضليل في مجتمعنا المغربي ومجتمعات أخرى” والحاجة إلى “أن يكون لنا من النضج لمواجهتها”، سجلت وجود “وعي متنام في البلاد بالأخبار الزائفة ومخاطرها” و”جهود قطاعات حكومية وهيئات دستورية ومدنية للتصدي للتضليل”.
وترى رئيسة “الهاكا” أن “الرهان” هو “إرساء منظومة حمائية منسقة ومتكاملة؛ فالمحاربة شيء والاستباق شيء آخر، وهي منظومة ينبغي أن توحد جهود كل الفاعلين المعنيين؛ من مسؤولين سياسيين، وهيئات تقنين، وأخصائيي ومهني التربية، وباحثين، ورجال قانون، وصحافيين، وغيرهم”.
وشددت أخرباش على أن “الغاية الفضلى” لهذه المنظومة هي “ترسيخ نفاذية حق المواطن في الإعلام، عبر تعزيز مقاومة مستنيرة للتضليل الإعلامي والتواصلي، وتعزيز القدرة على الولوج إلى الأخبار وتداولها بطريقة أخلاقية ونقدية”.
المصدر: وكالات