أجندة “مزدحمة” تنتظر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال الربع الأول من السنة الجارية، يستهلها أولا بزيارة رسمية إلى فرنسا ولقائه بالرئيس إيمانويل ماكرون، ثم التوجه بعد ذلك إلى روسيا، الحليف التقليدي للنظام العسكري.
وفي ظل “العزلة” الإقليمية المفروضة عليها، لم يتبق أمام الجزائر إلا مسايرة تيار يميل إلى المهادنة واستعطاف مواقف من دول أوروبية تعيد الاعتبار للدبلوماسية المعطوبة، في وقت حققت فيه المملكة نجاحات في الترويج للأطروحة المغربية.
ويأمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يلتقي الرئيس الجزائري خلال الأسابيع المقبلة؛ بينما يتوجه تبون إلى موسكو لبحث قضايا إقليمية مرتبطة باستمرار النزاع المسلح في أوكرانيا وتوقيع صفقات سلاح جديدة.
مصطفى الطوسة، الإعلامي المتخصص في الشأن السياسي، استبعد، في تصريح لجريدة هسبريس، أن تساهم هاتان الزيارتان في إعادة الدور الدبلوماسي الجزائر إلى واجهة الأحداث.
وأبرز الطوسة أن “زيارة تبون إلى فرنسا هي فاشلة أصلا، حيث إن هناك محاولات سياسية وإعلامية تحاول أن تقنع الرئيس ماكرون بأن الرهان على النظام العسكري هو رهان خاسر ويتناقض مع المصالح الفرنسية”.
وشدد الإعلامي المغربي المتخصص في الشأن السياسي على أن “هذه الدعوات الموجهة إلى ماكرون تطالب بتغيير موقفها اتجاه الجزائر، وأن هذا الدعم اللامشروط للنظام العسكري يصب في خانة المصالح المتناقضة للفرنسيين ولا يحمل في أفقه أي تحالف استراتيجي بين القيادة الفرنسية الجزائرية”.
واعتبر الطوسة في التصريح ذاته أن “هناك أصواتا داخل الحكم الفرنسي تطالب بإعادة النظر في دعم باريس للنظام العسكري”.
وبخصوص زيارة تبون إلى روسيا، قال المتخصص في الشأن السياسي: “هي زيارة يقال عنها إنها خرق للتحالفات التي يمكن للجزائر أن تقوم بها على المستويين الأمريكي والأوروبي، بينما هي تحمل في طياتها تناقضات عديدة تضع الجزائر في معسكر روسيا فلاديمير بوتين. كما تسلط الضوء على المصالح المتناقضة والدور الذي يمكن أن تلعبه الجزائر في المنطقة، والدور المساند للحرب في أوكرانيا”.
حسب المتحدث ذاته، فإن هذه الزيارة تأتي بعد إلغاء المناورات الروسية الجزائرية على الحدود مع المغرب، حيث من الصعب التكهن بتاريخ هذه الزيارة والأجندات التي تحملها. وحتى إن حصلت فإنها ستحدث قطيعة بين الجزائر ومحيطها الأوروبي والإقليمي.
وقال بأن “النظام العسكري هش داخليا، وهناك انتقادات وجبهة داخلية لا تسانده؛ لأن الأمر يتعلق بإشكالية شرعية الحكم والنظام في الجزائر، إذ لا يمكن لنظام هش داخليا أن يكون قويا على الصعيد الخارجي”.
من جانبه، قال عبد الفتاح الفاتحي، خبير في الشأن الدولي، إن هذه الزيارات لا تحمل أي جديد، حيث إن الرئاسة الجزائرية تحاول تقديم الدعم للدبلوماسية الجزائرية التي فقدت الكثير من كاريزماتها بخصوص نزاع الصحراء بعد تفوق الدبلوماسية المغربية.
وأضاف الفاتحي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية “هو دعم للدبلوماسية الجزائرية حينما تحاول أن تنضاف إلى اتجاه يزايد على الحلف الغربي الذي يبدو أنه مع الموقف المغربي بشأن سيادة المملكة”.
واعتبر الخبير في الشأن الدولي أن زيارة تبون إلى روسيا ترسخ تركيز النظام العسكري على الأسلحة الروسية، وهي خطوة تعكس مدى استقلالية القرار السياسي الجزائري عن الحلفاء الغربيين، خصوصا في ظل العقوبات التي فرضها الكونغرس الأمريكي على الجزائر لتعاونها العسكري مع روسيا.
وشدد على أن زيارة تبون لن تنتج جديدا خاصة نحو فرنسا؛ فالرئيس ماكرون استبق هذه الزيارة من خلال تقديم شروط تحدد أجندات الزيارة، حيث أقر بأن بلاده لن تقدم اعتذارا للجزائر على الفترة الاستعمارية.
المصدر: وكالات