عن دار النشر ديوان الإسبانية، صدر مؤخرا كتاب بعنوان “رسائل مغربية إلى روزا” للكاتب والباحث والناقد المغربي الأستاذ الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن زهر بأكادير محمد أبريغاش.
عمل أبريغاش في كتابه الجديد صاحبه على اختيار ما رآهُ صورة لما يمكن أن يكون عليه الطالب المغربي المُغتَرِب في الديار الإسبانية في زمنه، قياسا بما كان سائدا ورائجا في بلده وفي بلد المهجر آنذاك، والذي جعله واقفا بين سندان الوطن ومطرقة الغربة والبحث عن الذات.
يحمل غلاف الكتاب لوحة تشكيلية من إبداع الفنان المغربي، ابن مدينة الحسيمة، عبد الكريم بنطاطو، تجسد تيمة البيئة العربية من خلال رسم، يرتبط بمجموعة من المدارس الفنية، لامرأة تُعَبر عن نبض الحياة بمجموعة كبيرة من الألوان المتوهجة النارية، كالبرتقالي والأصفر، ودمجها بألوان حيادية كالأسود والرمادي.
يعتبر الإصدار الجديد كتابا نثريا أدبيا يجمع فيه المؤلف بين السرد والخيال والإبداع الحقيقي والتفكير العميق، ويستعرض فيه عَبَق التاريخ وما وراء الكتابة أيضا، حيث جاء الكتاب على شكل بنية رسائلية يقوم على قصة روائية مبسطة، ويشمل سبع رسائل يرسلها بطل الرواية من مسقط رأسه، منطقة “تيزة” بإقليم بني شيكر بالناظور، إلى صديقته الإسبانية التي تحمل اسم “روزا” بمحافظة غاليسيا بشمال غرب إسبانيا.
وحاول محمد أبريغاش في رسائله تذكير المتلقي، أي صديقته روزا، بحياته وتجاربه أتناء دراسته الجامعية في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، أي خلال فترة ما بعد “الموبيدا المدريدية”، وهو اسم أُطلِقَ على الحركة الثقافية الإبداعية المضادة للنظام المؤسسي انطلقت من مدريد لِتَشمَل إسبانيا بأكملها خلال نهاية مرحلة الانتقال الديمقراطي الإسباني في أوائل الثمانينات بعد وفاة الجنرال فرانكو.
تتضمن الرسائل مقاطع وصفية لقريته المهمشة والمنسية “تيزة” ولتاريخها من خلال التطرق لجوانب ثقافية، لغوية، اجتماعية وسياسية مختلفة…، ويجعلها محط مقارنة بمدريد آنذاك، مدينة الحضارة والحداثة والحرية والصخب بكل أنواعه. ويتحدث كذلك عن حياته التي قضاها هناك بين الستينات والثمانينات، وعن علاقته بعائلته، وخاصة مع والديه، ومع البحر الأبيض المتوسط.
لا يتوقف كل من المرسل والمرسلة إليها في هذه السطور عن التفكير والحديث عن الضفتين معا وعن العلاقات الإسبانية المغربية التي كانت تعرف تناقضات عدَّة خلال تلك الفترة، والحديث عن الواقع اللغوي بالمغرب، أخذا بعين الاعتبار الأدب المغربي المكتوب باللغة الإسبانية الذي كان يحصد النجاح والترحيب والنقد البَنَّاء داخل وخارج وطنه.
ويستعرض أبريغاش أيضا كتاباته الخاصة المتفردة في آخر رسالة يتضمنها الكتاب، ويُعَبّر بين طَيَّاتِ صفحاتها عن مفهومه للأدب الحقيقي الذي يَتَّسِمُ بالجودة والصدق شكلا ومضمونا، أي الأدب الذي يُهَذِّبُ النفوس المتمرِّدَة، ويَسمُو بقارئه ويجعله يُحِس بمتعة ولذَّةٍ تعتريهِ من قفاه إلى أخمص قدميه كلما استمع للنص الأدبي أو أعاد قراءته، مُستَشهِدا بكبار الكتاب الإسبان.
أستاذة اللغة الإسبانية مهتمة بالشأن الثقافي المغربي والإسباني
المصدر: وكالات