وزير سعودي: نظام الرقابة المالية الجديد يعكس تحولاً جوهرياً

:

أعلنت وزارة المالية السعودية عن نظام جديد للرقابة المالية، يهدف إلى تحديث وتعزيز آليات الإشراف على المال العام. وأكد وزير المالية محمد الجدعان أن النظام الجديد يمثل تحولاً جوهرياً في المنهجية الرقابية، ويقدم نموذجاً أكثر مرونة وشمولاً، مع التركيز على التمكين وحماية الرقابة المالية. جاء هذا الإعلان خلال ملتقى الرقابة المالية المنعقد في الرياض يوم الأحد.

ويهدف النظام الجديد إلى تحسين كفاءة الأداء الحكومي واستدامة الموارد المالية، وذلك من خلال الاستفادة من التقنيات الحديثة وتكامل الأنظمة الرقمية. ويأتي هذا التطور في سياق رؤية المملكة 2030، التي تولي أهمية قصوى للشفافية والمساءلة في القطاع العام.

نظام الرقابة المالية الجديد: نحو حوكمة مالية أكثر فعالية

يمثل نظام الرقابة المالية الجديد خطوة مهمة في تطوير الإطار التشريعي للعمل المالي في الجهات الحكومية السعودية. وفقاً للوزارة، سيتم إلغاء نظام الممثلين الماليين القديم، الذي استمر العمل به لعقود، واستبداله بإطار عمل حديث يعتمد على مبادئ الحوكمة الرشيدة. هذا التحول يهدف إلى تعزيز الرقابة الداخلية والخارجية على الإنفاق الحكومي.

أساليب الرقابة المتعددة

يعتمد النظام الجديد على أربعة أساليب رقابية رئيسية، وهي الرقابة المباشرة، والرقابة الذاتية، والرقابة الرقمية، ورقابة التقارير. تتيح هذه الأساليب المتنوعة تغطية شاملة لجميع جوانب العمل المالي، والكشف المبكر عن المخاطر المحتملة. الرقابة الرقمية، على وجه الخصوص، تعتبر عنصراً أساسياً في النظام الجديد، حيث تتيح الاستفادة من البيانات والتحليلات لتعزيز الرقابة المستمرة.

أكد وزير الجدعان على أهمية الاستثمار في الكفاءات الوطنية وتطوير قدراتها من خلال برامج تدريبية متخصصة. ويرى أن نجاح هذا التحول يعتمد بشكل كبير على تكامل الجهود بين وزارة المالية والديوان العام للمحاسبة، بالإضافة إلى التعاون مع جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة. هذا التكامل ضروري لضمان فعالية الرقابة وتجنب الازدواجية.

وتشير التقارير إلى أن النظام الجديد سيعزز من دور الديوان العام للمحاسبة، باعتباره الجهة الرقابية العليا في المملكة. وستتمكن الديوان من الاستفادة من التقنيات الحديثة والبيانات المتاحة لرفع مستوى الرقابة والتحقق من صحة البيانات المالية. بالإضافة إلى ذلك، سيعمل النظام الجديد على تعزيز الشفافية والمساءلة في القطاع العام، مما سيساهم في بناء الثقة بين المواطنين والحكومة.

يأتي هذا التحديث في ظل سعي الحكومة السعودية لتعزيز الشفافية المالية ومكافحة الفساد. وتعتبر الرقابة المالية الفعالة أداة أساسية لتحقيق هذه الأهداف، وضمان استخدام الموارد العامة بأفضل طريقة ممكنة. كما أن النظام الجديد يتوافق مع المعايير الدولية في مجال الحوكمة المالية والإدارة الرشيدة للموارد.

بالإضافة إلى الرقابة المالية، يركز النظام الجديد على مفهوم “الاستدامة المالية”، والذي يهدف إلى ضمان قدرة الحكومة على تمويل التزاماتها المستقبلية دون المساس بالجيل القادم. ويتطلب ذلك إدارة حكيمة للموارد المالية، والتحكم في الإنفاق العام، وتنويع مصادر الدخل. وتعتبر هذه المفاهيم جزءاً أساسياً من رؤية المملكة 2030.

من المتوقع أن يؤدي تطبيق نظام الرقابة المالية الجديد إلى تحسين جودة البيانات المالية الحكومية، وزيادة كفاءة العمليات المالية، وتقليل فرص الاحتيال والفساد. كما أنه سيعزز من قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن تخصيص الموارد المالية. وتشير التقديرات إلى أن النظام الجديد سيتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية التقنية وتدريب الكوادر البشرية.

في الوقت الحالي، تعمل وزارة المالية والديوان العام للمحاسبة على وضع اللوائح التنفيذية للنظام الجديد، وتحديد الإجراءات اللازمة لتطبيقه. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من هذه اللوائح خلال الأشهر القليلة القادمة، وبدء تطبيق النظام الجديد بشكل تدريجي. وسيتم توفير برامج تدريبية مكثفة للعاملين في القطاع الحكومي لتمكينهم من التعامل مع النظام الجديد بفعالية.

يبقى من المهم مراقبة كيفية تطبيق النظام الجديد على أرض الواقع، والتحديات التي قد تواجه عملية التنفيذ. كما يجب تقييم أثر النظام الجديد على كفاءة الأداء الحكومي، والشفافية المالية، وحماية المال العام. وستكون هذه التقييمات ضرورية لتحديد ما إذا كان النظام الجديد قد حقق الأهداف المرجوة منه، وإجراء أي تعديلات لازمة لتحسين أدائه.