من أهم بواعث الظلم، التمييز وعدم المساواة أو الإحساس بالتمييز وعدم المساواة، سواء على أساس الحالة الاجتماعية أو الخلفية الثقافية أو السن أو اللون أو الجنس أو أي شكل من أشكال التمييز وعدم المساواة، بل إن الإنسان لديه القابلية للعيش والتعايش مع ظروفه مهما بلغت صعوبتها وقساوتها، شريطة ألا تكون تلك الظروف نتيجة للتمييز وعدم المساواة.
تتجلى صور التمييز وعدم المساواة وتتضح ضحاياها في الغالب أمام فرص التعليم، وأمام الفرص الاجتماعية مثل ارتباطات الزواج، وأمام فرص العمل سواء عند التوظيف والإعلان عن الفرص الوظيفية أو أثناء أداء وممارسة العمل.
من هنا تأتي أهمية موافقة مجلس الوزراء، منذ أيام، على إقرار السياسة الوطنية لتشجيع تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة والاستخدام والمهنة، لما يترتب عليها من خلق حالة من الارتياح والشعور بالعدالة والمساواة في أوساط الباحثين عن فرص عمل، بالإضافة إلى تنظيف وتطهير عمليات التوظيف وتطهير إجراءاتها قدر المستطاع من ظواهر مثل المحسوبيات والتحزبات وشلليات العمل وشبكات المصالح التي تتشكل مع الوقت، وتترسخ مع حجم نفوذ وسطوة أعضائها.
لا يمكن تطهير مؤسسات العمل في القطاعين العام والخاص والارتقاء ببيئتها ورفع إنتاجيتها وكفاءتها، إذا لم يتم خلق روح من العدالة بين من يعملون بها والمساواة في التعامل مع كل من يتقدم للعمل، والتعامل مع العاملين فيها على قدم المساواة دون تمييز، وذلك من خلال سن التشريعات والقوانين وإيجاد آليات دقيقة وموضوعية في تطبيقها.
لا يساورني شك بصعوبة وقسوة الظروف التي يعانيها أي عاطل عن العمل، لكني على يقين بأن المعاناة والصعوبة ستكون مركبة ومضاعفة لو كانت البطالة ناتجة عن التمييز في إتاحة فرص العمل وعدم تكافؤ الفرص وفقدان العدالة. والذي لا يتسبب بحرمان بعض العاطلين من العمل، أو يمنح من لا يستحق فرصة عمل على حساب من يستحق، بل يتسبب بالإحباط واليأس وعدم الاكتراث بالأنظمة والقوانين وفقد الثقة بكل عمليات التوظيف وإجراءات التوظيف وكل الأنظمة والقوانين. قد لا تحل المساواة وتكافؤ الفرص مشكلة البطالة، لكني على يقين أنها ستسهم بخفض نسبها لو تم تطبيق قرار مجلس الوزراء بدقة وموضوعية على العاطلين وعلى العاملين في بعض المؤسسات العامة والخاصة.