وكتبت ليوبوف ستيبوشوفا في صحيفة «برافدا» الروسية: بينما تضرم النيران في مارسيليا وتغرق ليون في الفوضى جرّاء استخدام المخربين المفرقعات النارية، أحرِقت المباني العامة مثل مجلس المدينة ومراكز الشرطة والمدارس في منطقة باريس وتولوز وليل وكليرمون فيران، وكذلك السيارات الخاصة ووسائل النقل العام، ونشبت اشتباكات في بوردو وغرونوبل وسانت إيتيان وتعرضت المتاجر والمخازن للنهب.
واعتبرت أن مقتل نائل قسم فرنسا وهو ما يتجلى في انتقاد السياسي اليساري من حزب «فرنسا غير الخاضعة» جون لوك ميلانشون «المراقبين» الذين طالبوه بالهدوء. وكتب على مواقع التواصل الاجتماعي «نطالب بالعقاب. إلغاء الدعوى المرفوعة ضد القتيل، ومعاقبة الشرطي القاتل وشريكه الذي أصدر الأمر بإطلاق النار». وطالب ميلانشون بتشكيل لجنة تحقيق في الزيادة في عدد الوفيات الناجمة عن رفض الامتثال لأوامر التوقف.
ولفتت إلى أنه على خلفية أحداث 2005 عندما توفي مراهقان بصعقة كهرباء أثناء اختبائهما في محطة كهرباء فرعية هرباً من الشرطة، انقسم الرأي العام الفرنسي على أساس الأصل العرقي. وفي ظل الهجرة غير المنظمة تفاقمت العنصرية على مرّ السنين، ذلك أن المهاجرين يعتبرون فرنسا وطنهم دون أن يندمجوا في المجتمع أو يلتزموا بالقواعد مع تزايد شكاوى الانتهاكات.
الكاتبة لفتت إلى أن نقابات الشرطة ندّدت باحتجاز زميلهم بحجة أن السلطات كانت تتغاضى عن تصرّفات المتظاهرين. وفي الحقيقة، أن التستر على مشكلة الاختلافات العرقية في فرنسا وحظر النقاشات المفتوحة حول هذا الموضوع وعدم السماح بإجراء دراسات إحصائية حسب العرق من العوامل التي يمكن أن تفجر فرنسا.
من جانبها صحيفة «فزغلياد» الروسية اختارت عنوان: «هل غرقت فرنسا في حرب عرقية؟. ورأت في تقرير لمحررتها فاليريا فيربينينا أن الحرق المتعمد والسرقات والهجمات على الشرطة من التصرفات التي اجتاحت أنحاء البلاد بعد فشل محاولات السلطات في إعادة الوضع إلى طبيعته.
وأضافت أن أحد السياسيين الفرنسيين وصف الوضع ببداية حرب عرقية وعنصرية، لافتة إلى أنه بعد انتشار الفيديو الذي وثق الحادثة على مواقع التواصل الاجتماعي، تأججت المشاعر التي دفعت المتظاهرين إلى الخروج إلى الشوارع احتجاجاً على التصرفات المماثلة.
وأعربت الكاتبة عن اعتقادها بأن ما فاقم الوضع لم يكن تزوير الوقائع الذي عمدت له الشرطة ولا سن الضحية، بل ما عمدت له وسائل الإعلام المحلية من تهويل للحادثة من أجل صرف انتباه السكان عن مشكلات التضخم وارتفاع الرسوم الجمركية وأجواء الاضطرابات العامة.
ووفقاً للكاتبة، فقد انقلب السحر على الساحر وتحول التلاعب البسيط في وسائل الإعلام إلى سيف سُلط على رقاب السلطات، بعد إحداث مقتل نائل صدى كبيراً وتحوله إلى موضوع الساعة وخروج الوضع عن السيطرة، ليعيد إلى الأذهان الأزمة المماثلة التي شهدتها فرنسا عام 2005.
وبحسب الكاتبة، فإن الدعوة إلى إعلان الطوارئ خير دليل على التوترات الاجتماعية التي وصلت إلى نقطة كشفت عجز السلطات عن التعامل معها، ويتجلى ذلك في إنكار وجود تدفقات خارجة عن السيطرة للمهاجرين وعدم وجود جرائم عرقية والتقسيم الطبقي الاجتماعي، وفي ظل هذا الوضع، تجد الشرطة نفسها بين مطرقة الحكومة التي تعتمد عليها في كثير من المهمات وتطلب الكثير منها وتتجاهل بعض الجوانب، وبين سندان المجتمع الذي يعتبر الشرطة عدواً له.
وفي هذا السياق، اعتبر المرشح الرئاسي السابق الفرنسي اليميني المتطرف إريك زمور أن ما يحدث أسوأ بكثير من أزمة عام 2005 عندما استمرت الاضطرابات نحو 3 أسابيع، وشملت ضواحي باريس فقط، على عكس الحالية التي شملت جميع أنحاء البلاد، لأن المهاجرين في الوقت الراهن في كل مكان، قائلًا: «فرنسا اليوم على شفا حرب أهلية، وهذه حرب عرقية، المتورط فيها جلي للعيان».