التماسّ مع دوائر المجتمع الحساسة في الدراما العربية أشبهُ بعروض الاستعراض بأطواق النار الملتهبة، حيث لا مجال للانحراف شعرة واحدة عن مسار الدقة الذي اختطه العارضون لأنفسهم، فالشرارة المتطايرة كافية لإشعال منطقة بأكملها، لاسيما إن كانت مهيأة للممانعة والنفور والتوجس من كتّاب هذه الأعمال، وخلطهم المستمر بين الجرأة والممنوع.
في سياق ذلك، تصطدم الكاتبة هبة حمادة، وفريق مسلسلها الرمضاني «زوجة واحدة لا تكفي»، بموجة حادة وغاضبة جرّاء جرأة كان لها أن تكون مقبولة وذات أثر، بتناول قضايا غير مألوفة – إلى حد ما – في العالم العربي، لولا أنها فقدت الموازنة – وفق ما يراه متابعون – بين خصائص الجمهور المستهدف، وبناء عمل درامي مختلف شكلاً وموضوعاً.
المسلسل الذي أثار جدلاً واسعاً منذ بدء عرضه في رمضان 2024، على منصة «شاهد MBC»، يواجه تحدياً شرساً مع شريحة واسعة لا تستسيغ هذه النوعية من المواضيع الشائكة، وتراها مبالغات مسيئة للمجتمع، وأن الكاتبة لم تنجح في التموضع على خريطة الجرأة المقبولة، وقدمت المحاور الحساسة على نحو صادم. المسلسل من تأليف هبة مشاري حمادة، وإخراج علي العلي، ويطرح قضايا اجتماعية جريئة مثل تعدد الزوجات والزواج العرفي، وزنا المحارم، وقد تباينت الآراء حول المسلسل بين مؤيد ومعارض.
المؤيدون، يشيدون بجرأة المسلسل في طرح قضايا مهمة تُناقَش في الخفاء، ويرون أنه يعكس واقعاً موجوداً في المجتمع، ويجب تسليط الضوء عليه، ويؤكدون أهمية الحوار والنقاش حول هذه القضايا لفهمها بشكل أفضل.
ودون أن تأتي على تسميته تحديداً، جاء بيان وزارة الإعلام الكويتية، محفزاً لاستمرار موجة النقد على العمل، إذ قالت فيه، إنها ستتصدى لأي عمل فني يسيء إلى الكويت وشعبها، وتؤكد «رفضها التام لأي أعمال فنية تتضمن إساءة إلى دولة الكويت، أو تمس أخلاقيات المجتمع الكويتي، مؤكدة أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة للتصدي لأي عمل فني يسيء إلى المجتمع الكويتي». وأضافت الوزارة، في بيانها، أنها باشرت اتخاذ إجراءات عدة تجاه المسلسل الرمضاني المسيء إلى المجتمع الكويتي ومنع تكرار مثل هذه المشاهد المسيئة، مطالبة جميع المعنيين بـ(احترام القوانين واللوائح والمواثيق)، فضلاً عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف عرض مثل هذه المشاهد مستقبلاً.