وأوضحت وزارة العدل، أن الخدمة متاحة لجميع المستفيدين عبر بوابة ناجز، وأشارت إلى أن الخدمة تستهدف مقدم الوصية بالأصالة عن نفسه ومقدم الوصية بالوكالة، إضافة إلى إقرار ورثة متوفى من خلال بيانات وثيقة الورثة.
وللاستفادة من الخدمة، بيّنت الوزارة، أنها متاحة على بوابة ناجز، عبر اختيار خدمة «توثيق وصية»، ثم تقديم الطلب والمصادقة على الإرسال، ثم تدقيق الطلب من قبل الإسناد المركزي للتوثيق، ثم مصادقة الطلب من مقدم الطلب، واعتماده من قبل كاتب العدل، ثم صدور الوثيقة.
وأكدت وزارة العدل، أنه يمكن للمستفيد طلب إلغاء الوصية المعتمدة في أي وقت من خلال النظام نفسه. وأوضحت أن الخدمة تأتي في سياق التحول الكامل لخدمات التوثيق؛ ما يغني المستفيدين عن زيارة كتابات العدل، وتوفير الوقت والجهد عليهم.
ورصدت «عكاظ»، تحرير وصايا من رجال أعمال وتجار وأكاديميين وسيدات ومواطنين وأودعت في مكاتب محاماة، وطلب الموصون من محاميهم عدم فتح الوصية إلا بعد الوفاة بحضور أفراد أسرهم.
شاهدان وخط اليد
طبقاً لمصادر «عكاظ»، فإن الوصية تكون باللفظ أمام القاضي أو أمام شاهدين عدلين أو كتابة بخط اليد، ومن الأفضل توثيقها إلكترونياً في الوقت الراهن بعد الخدمة التي وفّرتها وزارة العدل. ويجوز تعديل أو إلغاء الوصية لأنها لا تلزم ولا تنفذ إلا بالموت.
ويشرح القاضي السابق أستاذ القانون بكلية الحقوق في جامعة المؤسس الدكتور يوسف غرم الله الغامدي، الوصية ويقول: إنها إقرار شرعي وقانوني يصدر بشروط الإقرار المعروفة وأهمها الأهلية الشرعية والنظامية التي وجدت لتنظيم وحفظ الحقوق المتداخلة أو التي ستؤول للتداخل، خصوصاً في الإرث والتركة بعد الموت، والوصية لها أهمية كبيرة فهي مما يلحق ويتحكم فيه الإنسان بعد الموت من ماله كإبراء الذمة من الديون والقروض وكذلك الصدقة بالثلث من مجموع أمواله المحصورة بعد موته وما يرغب في قوله بعد موته لورثته، والوصية مندوب إليها ومأمور بها على سبيل الإلزام والوجوب إذا تعلقت ببيان الحقوق الواجبة كالديون والقروض؛ وكذلك الإفصاح عما لا يعلم إلا من طريقه كالوثائق والمستندات ونحو ذلك مما يجب بيانه، والوصية لها أركان ثلاثة؛ الموصي والوصية وتشمل الصيغة والموصى به وله.
خلافات وشرور كثيرة
الأصل في الوصية، كما يقول الدكتور يوسف الغامدي، قول الله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما حقُّ امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يَبيتُ ليلتين إلا ووصيتُه مكتوبة عنده». أما وقت الوصية فتجب كتابتها الآن وبيانها لأن الإنسان لا يعلم متى يموت وينتقل إلى الدار الآخرة، ومن خلال مسيرتي القضائية -يقول الغامدي- لاحظت أن الإنسان الذي لا يهتم بالوصية لا يناله من الخير، وذلك لأنه فرط في بيان الحقوق الواجبة، ونتج عن هذا التهاون والإهمال خلافات وشرور كثيرة بين الورثة في ما بينهم وبين الورثة وأهل الحقوق من غيرهم، وقد أولت الحكومة مرفق القضاء ممثلاً في وزارة العدل توجيهات واضحة للتطوير ليواكب رؤية 2030 خاصة في مجال العدالة الناجزة ورقمنة المعلومات والتفاعل الرقمي وتفعيل الذكاء الاصطناعي الذي تقوده السعودية على مستوى العالم.
هل تصح وصية السيدات ؟
أستاذ القانون الدكتور عمر الخولي، صاحب أول نموذج لوصية مطبوعة عام 1407 وحولها أخيراً إلى وصية إلكترونية أتاحها لمن يرغب يقول: من السنّة النبوية، من كان له مال يورثه أن يكتب وصيته ضماناً لبيان ما يملكه من مال وما عليه من ديون ويقوم بتحديث معلوماتها أولاً بأول لضمان تعريف ورثته على أمواله وأملاكه وعلى حقوقه والتزاماته لدى الغير، وأي وصية يكتبها الفرد في بيته تعتبر من المحررات العرفية التي تخضع للفحص اللاحق في حال الطعن، وتعتبر حجة بكافة ما ورد فيها من معلومات ولا يطعن فيها إلا بالتزوير، ويفضل الإشهاد عليها.
وأوضح أن تحرير الوصية ليس قاصراً على رب الأسرة، إنما يمكن للسيدات والزوجات والأبناء كتابة وصاياهم متى كان لهم مال يورث.
ومن فوائد كتابة الوصية، طبقاً لرأي الدكتور الخولي، إمكان إظهار الملكيات الصورية؛ مثل العقارات المسجلة باسمه وهي مملوكة للغير كما يحدث في التستر، أو العقارات التي يمتلكها وقام بكتابتها بأسماء آخرين؛ فضلاً عن احتمال أن تكون له زوجة سرية غير معلنة أو أبناء من زوجة أخرى داخل أو خارج المملكة حتى لا يقع النزاع بشأنه.
أرصدة في سويسرا
الدكتور عمر الخولي، يوضح أنه من خلال التجارب والمعايشات، فإن أكثر من يهتم بكتابة الوصية هم رجال الأعمال وأصحاب الأموال، وينصح بكتابة الوصية في أي وقت وفي أي عمر، ويحث عليها في الظروف التي تغلب عليها الوفاة مثل المرض الخطير وكبر السن. ولفت إلى أن أسلوب إيداع الوصايا لدى مكاتب المحاماة أسلوب منقول من دول أخرى، إذ يتم إيداع الوصية لدى أحد المحامين الموثوق بهم ويطلب منه فتح الوصية أمام ورثته وأمام أسرته عقب وفاته مباشرة.
ويقدر الخولي عدد محرري الوصايا في المجتمع السعودي بنحو 35- 37% استناداً إلى دراسات ميدانية ومسح علمي أجراه تزامناً مع مرور 30 عاماً على كتابة (هذه وصيتي). وروى الخولي عن قضايا نُظرت أمام المحاكم تتعلق بالتركات أهمل أصحابها كتابة وصاياهم أو أوصوا شفاهة ما أدى إلى تأخر قسمة الإرث إلى سنوات طويلة بلغت في إحدى القضايا نحو 20 سنة، وساعد على ذلك وجود 3 زوجات وإخوة غير أشقاء وعقارات واستثمارات غير معلنة خارج المملكة.
ومن الشواهد التي تابعها وصايا في مطالبات تتعلق بأرصدة في بنوك سويسرية واستثمارات في جزر ومنتجعات في أوروبا وأمريكا وأرقام سرية لحسابات لم يفصح عنها الموصي في وصيته ولا لورثته أو أصدقائه المقربين.
وروى الخولي، قصة رجل أعمال أسّس شركة خارج المملكة برأسمال يتجاوز 70 مليون دولار، وسجلت شهادات الأسهم (لحامله) ما أدى لفقدان المال عقب وفاة صاحب الشركة.
عبارات مختصرة جامعة
الرئيس السابق لفرع النيابة العامة في جدة المستشار عبدالله محمد القرني، شدد على أن كتابة الوصية أمر إيجابي وهي من باب استيثاق الحقوق وتبيينها ليبين الموصي ما له وما عليه، والأصل أن الموصي هو من يكتب وصيته ويوثقها. وأشار إلى أنه لا توجد صيغة ثابتة لكتابة الوصية، وما درج عليه العموم أن الوصية تكتب من صاحبها ويبدأ بقوله «هذا ما أوصى عليه فلان ابن فلان» أو كأن يقول «أنا الموصي فلان بن فلان ثم يذكر وصيته ويسوق تفاصيلها».
وأضاف أن الإيجاز بالوصية مطلوب وكذلك تحديثها كل ما حدث تغيير في أمور وحياة الموصي، وتبدأ الوصية من صاحبها بكل بياناته وتكون الوصية للأقارب من أهله وورثته بالصبر واحتساب الأجر عند الله -عز وجل- بعد وفاته على فراقه، ويقوم بذكر ما عليه من ديون للغير وحقوق له، ويذكر كل ذلك بالتفصيل ويدون كل ما يرغب في كتابته ويوصي في عبارات مختصرة جامعة ومانعة من بعده بأداء الحقوق وعدم التهاون بها. وله أن يوصي بما لا يزيد على الثلث من ماله في وجه الخير اتباعاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يبين مصارفه وجهة إنفاقه وله تسمية من يتولى ذلك، ويحرر نص الوصية موقعاً بيده ويشهد عليها شاهدين اثنين عدلين حتى تكون الوصية شرعية في إثبات حقوق الناس، وينصح بحفظ نسخة أو أكثر من الوصية عند شخص عدل من أقاربه أو غير أقاربه؛ لحفظها، فضلاً عن حفظها إلكترونياً في موقع وزارة العدل عقب الخدمة الجديدة للوزارة بتوثيق الوصية إلكترونياً.
زوجات ومليارات في السر
اطلعت «عكاظ»، على دعوى أقامتها أرملة عربية وابنها ضد ورثة مليونير سعودي قالت إنها تزوجته في السر وأنجبت له ابناً قبل 25 عاماً، وظل المليونير يتردد عليها وعلى ابنه في بلدها، وبعد وفاته تواصلت الأرملة مع أسرة المتوفى؛ لأن له حقاً في الإرث مع والدته، إلا أن الأسرة أنكرت واقعة الزواج، مؤكدة أن وصية الراحل لم تتضمن أي إشارة لزواجه السري. وفي ضوء ذلك توجهت إلى المحاكم لإثبات حقهما في الإرث الشرعي؛ فضلاً عن مطالبة إثبات نسب ابنها للمليونير المتوفى.
كما اطلعت «عكاظ»، على نزاع بين 8 إخوة وأخوات عقب وفاة والدهم الذي ترك شركات وعقارات وأسهماً واستثمارات متعددة وأرصدة بنكية في الخارج، وتبيّن أن بعض العقارات والأسهم مسجلة بشكل متفرق بين الإخوة والأخوات غير الأشقاء من 3 زوجات، وبات كل منهم يطالب الآخر بنصيبه الشرعي من الإرث.
نزاعات بين الورثة
يرى المحامي بدر الروقي، أن تجاهل كتابة الوصية قد يتسبب في كثيرٍ من الأحيان في نزاعات بين الورثة واللجوء للمحاكم للتقاضي بين أفراد الأسرة الواحدة ما يثير الفرقة والخلاف، وقال إن كتابة الوصية تتطلب صياغة واضحة ومقننة تكشف عن توزيع التركات، وقال إن خطوة وزارة العدل في الوصية الإلكترونية تعد خطوة مهمة لتشجيع وحث الكثيرين لأهمية كتابة وصيته وله الاستعانة بخبير أو مختص لمعرفة آلية الوصية وكتابتها وأركانها. وشدد المحامي الروقي على مراعاة الأصول الشرعية والقانونية في كتابة الوصية بأسلوب وطريقة مثالية تمكن من تنفيذها بسلاسة دون اعتراض من أي من الورثة.