هذا التهديد تلقفه الداخل قبل الخارج، إذ يجري الحديث في بعض الأروقة اللبنانية أن نصرالله استشعر جدياً مخاطر التحركات الاحتجاجية التي حصلت أخيراً وأدت إلى إحراق عدد من المصارف على امتداد المناطق اللبنانية والتي تبين للجميع أن هناك آلة تحكم أشعلتها وأطفأتها في اليوم نفسه.
ووفقاً لما يستشعر به نصرالله، فإن هناك من يحاول أن يخلق وضعاً أمنياً تحت عنوان «اجتماعي» لفرض تسويات قد لا تناسبه، فينساق إليها دون مكاسب أو أثمان، وخشية نصرالله هنا من أن تنسحب في مقبل الأيام الاحتجاجات المعيشية والاجتماعية إلى بيئته فيفقد سيطرته في محاصرتها خاصة أن هذه البيئة تئن من التعب والجوع والفقر حالها حال غالبية الشعب اللبناني، فكان عليه التحرك سريعاً والتهديد في خطابه الأخير بقلب الطاولة قبل أن يتم فرض أي مرشح رئاسي عليه، خاصة أنه التزم الصمت طويلاً في ملف رئاسة الجمهورية وكل ما صدر عنه في هذا الإطار لم يتعدَ المطالبة برئيس لا يطعن المقاومة في ظهرها.
وبالعودة لخطاب نصرالله في مواجهته للأمريكيين من محل إقامته تحت الأرض، أشاع المراقبون أن صبر نصرالله قد نفد تجاه الأمريكيين الذين كان ينتظر منهم تكريمه على عطاء «ترسيم الحدود»، بمنحه كرسي رئاسة الجمهورية، وهذا ما لم يحصل ويبدو أنه لن يحصل إذا أخذنا بعين الاعتبار الحركة الأمريكية ليس في الشأن اللبناني وحسب، بل في رصده وإحكام القبضة على أذرعه وتوقيف عناصره على امتداد مطارات العالم ورصد المكافآت المالية لرفع الغطاء عنه أينما وجدت أذرعه المالية والعسكرية.
وإذا عدنا إلى الحركة الأمريكية بشكل عام، فبات واضحاً أنه ليس هناك ضوء أخضر بعد في ملف رئيس الجمهورية، ولا ضوء أخضر في ملف استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، ولا ضوء أخضر لإطلاق عمليات استخراج واستثمار النفط المكتشف في الحقول اللبنانية.
والسؤال الذي يطرح نفسه، فإنه بعد التهديد يجب التنفيذ، ومن المعلوم أن الأمريكي لا ينصاع لمثل هذه التهديدات، هو: على ماذا سيجرؤ نصرالله في مقبل الأيام؟